أمن أسى الشام قلبي خافقٌ يجفُ
أم جـادَهُ الـحزنُ حـتى بـات يـرتجفُ
أم مــن صـروف الـنوى آهـاته حُـرَقٌ
أم أنــه مــن هـمـومٍ أُحـدِقَت دَنِـفُ
يـبـكي دمــاً ونـيوبُ الـظلمِ تـنهشُهُ
ويـمـتطي الـلـيلَ خـوفاً ثـمَّ يـنصرفُ
يـبكي عـلى وطنٍ ساطَ العِدا دمَهُ
فـارتاعت الـغيدُ بل شابت به النُّطَفُ
وضـاقـت الـبـيدُ والآفــاق واحـترقت
سـنابلُ الـعشقِ واعتلت به القُطُفُ
والـقـهرُ فــوق الـرُّبـا نـاخـتْ رواحـلهُ
فـعـادَ أكـبـرَ مـمـا لــو هــمُ وصـفـوا
وتـاهت الـناس لا يـدرون أيـن هـمُ ؟
وأيــن بـلـدانُهم - والله - مــا عـرفـوا
فـيمموا شـطرَ بـحرِ الـموتِ وجهتَهم
يـصارعون الـردى حـيث الـردى يقفُ
ومــن يــرى مـنهم مـنجىً يـلوذ بـه
ولـــو عــلـى حـتـفه تـلـقاه يـزدلـفُ
فـكم غـريقٍ على الشطآن قد تركوا
وكــم صـغـيرٍ مـسجى جـرحُه نَـزِفُ
وكــم ذوت أمُّ طـفـلٍ وهـي تـرضعُهُ
حـزنـاً عـلـيه وفــي أعـماقها أسَـفُ
وكـــم أحـيـط بـهـا والـمـوت يـرقـبُها
والــخـوفُ يـرعـبها والـبـردُ والـوَطَـفُ
واحــتـارت الأم مـــن تـلـقيه أولـهـم
مـن بـين أبـنائها كـي يُضمَنَ الخلفُ
ويـلاه مـن حـزنها لـو حـلَّ في جبلٍ
لارتـجَّ مـنه وأوهـى جـسمَه الـتلفُ
ويــعـبـرون وفـــي أذهـانـهـم أمـــلٌ
هـــو الأمــانُ فــلا بــأسٌ ولا جَـنَـفُ
حـتـى إذا بـلـغوا أرضَ الـنـجاة مـعـاً
سُــدَّت أمـامَـهم الأبــوابُ والـشُّرَفُ
تـجـرَّعوا الـقهرَ مـعسولاً ومـا بـرحوا
يـسَّـاقطون ومــا وافــوا ومــا وقـفوا
وفــرشـهـم مــــن نـفـايـاتٍ مـلـوثـةٍ
ومـن غـيوم الـسَّما كانت لهم لُحُفُ
والـشمسُ تـقرعُهم والـجوعُ يتبعُهم
ولـيس يـحدوهمُ في سيرهم هدفُ
إلا الـنجاةُ مـن الـطاغين حـيث لـهم
أيــدٍ طــوالٌ بـها نـحو الـردى شـغفُ
فــيـا إلـهـي تـولَّاهـم وكــن سـنـداً
لـهـم وعـونـاً وقـل لـلظالمين : قـفوا
................
شــــعــــر إبـــراهــيــم الأحــــمـــد