رِيَاضَ الشِّعْرِ جُودِي
بِالْمَعَانِي
وَبِاللَّـفْظِ الْمُعَطَّــرِ
بِالْبَيــــَانِ
وَبِالبَحْرِ الطَّرُوبِ فَلاَ
تَضِنِّي
عَلَيَّ فَلَيْسَ يُسْعِفُنِي
جَنَانِي
وَصُوغِي لِي مِنَ الأَفْكَارِ
بِنْتًا
أَفُضُّ بِهَا مَغَالِيقَ
الأَمَانِي
وَهَاتِي لِي مِنَ الأَنْوَارِ
فَيْضًا
لِيُرشِدَنِي إِلَى دُرَرِ
الأَغَانِي
لَعَلِّي يَا رِيَاضَ الشِّعْرِ
أَحْظَى
بِأُغْنِيَةٍ تَدُورُ مَعَ
الزَّمَــــانِ
تُمَجِّدُ فِي البَرَايَا
"فَضْلَ أُمٍّ"
يُـقـَصِّرُ دُونَ رُتْبَتِهِ
لِسَـــانِي
سَرَى مِنْ ذِكْرِهِ فِي
الأُفْقِ لَحْنٌ
فَهَيَّجَ قَلْبَ صَدَّاحِ
الْمَغَانِي
وَغَرَّدَتِ البَلاَبِلُ
صَادِحَاتٍ
وَعَمَّ الكَوْنَ فَيْضٌ مِنْ
أمَانِ
فَمَا عَجَبٌ إِذَا مَا قُمْتُ
أَشْدُو
بِأُغْنِيتي لِيَنْبُوعِ
الْحَنَانِ
أَبُثُّ لَوَاعِجَ الأَشْوَاقِ
فِيهَا
وَأَبْنِي الشِّعْرَ مُؤْتَلِقَ
الْمَعَانِي
أَلَيْسَ بِبِرِّهَا أَوْصَى
إِلَهِي؟!
أَلَيْسَتْ فِي الوَرَى رَمْزَ
التَّفَانِي؟
وَفَضْلُ الأُمِّ يَعْلُو أَيَّ
فَضْلٍ
إِذَا أَحْصَيْتَهُ فِي كُلِّ
شَانِ
أُسَائِلُ مُهْجَتِي عَنْهَا
أَجَابَتْ:
هِيَ الرَّحَمَاتُ لاَحَتْ
لِلْعِيَانِ
هِيَ البَحْرُ الْمَلِيءُ
بِكُلِّ غَالٍ
نفِيسٍ غَارَ مِنْهُ
الأَصْفَرَانِ
هِيَ البَدْرُ الْمُطِلُّ
بِنَاظِرَيْهِ
عَلَى الآفَاقِ يَلْمَعُ
كَالْجُمَانِ
هِيَ الأَنْسَامُ رَقَّتْ فِي
بَهَاءٍ
وَزَانَتْ ثَوْبَهَا
بِالأُقْحُوَانِ
هِيَ الْمَاءُ الزُّلاَلُ
لِكُلِّ صَادٍ
هِيَ الأَمَلُ الضَّحُوكُ
لِكُلِّ عَانِ
أَرَاهَا نَخْلَةً بَسَقَتْ
وَجَادَتْ
وَلَمْ تَعْبَأْ بِأَغْيَارِ
الزَّمَانِ
تَحَدَّتْ فِي شُمُوخٍ كُلَّ
رِيحٍ
وَآتَتْ أُكْلَهَا فِي كُلِّ
آنِ
حَبَتْنِي عَطْفَهَا مُذْ
كُنْتُ طِفْلاً
وَفَاضَتْ بِالْمَحَبَّةِ
وَالْحَنَانِ
وَرَغْمَ الفَقْرِ كَمْ جَادَتْ
عَلَيْنَا
يَدَاهَا بِالنَّدَى
مَبْسُوطَتَانِ
وَكَمْ سَهِرَتْ تُهَدْهِدُنِي
فَأَغْفُو
عَلَى صَدْرٍ يَئِنُّ بِمَا
يُعَانِي
بِجَوْفِ اللَّيْلِ كَمْ
قَامَتْ تُصَلِّي
صَلاَةَ الْخَاشِعِينَ بِلاَ
تَوَانِ
تُنَاجِي رَبَّهَا وَالكَوْنُ
يُصْغِي
وَجَادَتْ بالدُّمُوعِ
الْمُقْلَتَانِ
دَعَتْهُ فِي الدُّجَى يَرْعَى
بَنِيهَا
يُجَنِّبُهُمْ مَصَائِبَ كُلِّ جَانِ
وَيُرْشِدُهُمْ إِلَى سُبُلِ الْمَعَالِي
وَيَمْنَحُهُمْ طَرِيقًا لِلْجِنَانِ
أَلاَ مَا أَعْظَمَ الشِّيَمَ العَوَالِي!
وأَجْمِلْ بِالتَّحِيَةِ وَالتَّهَانِي!
صَبُورٌ لاَ تُزَلْزِلُهَا الدَّوَاهِي
رَؤُومٌ قَدْ عَلَتْ فَوْقَ العَنَانِ
لَهَا مِنْ ذِي الجَلاَلِ عُهُودُ قُرْبٍ
وَحَبْلٌ فِي الوِلاَيَةِ غَيْرُ وَانِ
تَرَاهَا حِينَ يَعْصِرُهَا حَنِينٌ
عَلَى وَلَدٍ يَغِيبُ عَنِ الْمَكَانِ
تُكَتِّمُ حَسْرَةً بَلَغَتْ مَدَاهَا
وَحِينَئِذٍ يَمِيدُ الْخَافِقَانِ
يَعُودُ لِوَكْرِهِ بَعْدَ اغْتِرَابٍ
يَقُولُ لأُمِّهِ: مَاذَا دَهَانِي؟!
رَأَيْتُكِ فِي الفَضَاءِ الرَّحْبِ تَبْكِيـ
ـنَ صَوْتُكِ فِي ضُلُوعِي قَدْ دَعَانِي
أَتَيْتُكِ لاَهِثًا أَرْجُو رِضَاكِ
وَأَدْنُو رَاغِبًا فِي ذَا التَّدَانِي
لَكِ العُتْبَى إِلَى أَنْ تَسْتَرِيحِي
فَإِنَّ رِضَاكِ مَرْقًى لِلْجِنَانِ
****
ابراهيـم السمري