أيُّها الماضي...
وأثناءَ المنامِ الطّويلِ الثَّقيل..
خَلفَ مَلامِحي لَمَستُ عِطرَك..
كُنتُ وأيّامِيَ التّائِهَة..
نَبحَثُ عن آثارِنا في غُبارِكَ الغارِب
نَبحَثُ عَن أسمائِنا
بَينَ احتياجِ أمِّنا للخُبزِ..
واغتِرابِنا عَن شُموخِ النّخيل..
بِلا سُروجٍ هُنا تَمُرُّ خُيولُ الغَرام..
أقوامٌ مِنّا..
لا يَفهَمونَ لُغَةَ الخَواطِرِ العُذرِيَّةِ..
ناموا ..
وها هُم يحلُمون..
مَواسِمُ مِن فَرَحٍ لا تَنمو سِوى في صُدورِهم
خارجَ الصُّدورِ عَذارى يحلُمنَ بانزِياحِ الخريف..
يَنثُرنَ أَدعِيَةً مَلغوزَة..
تَتَحَرَّشُ بِنِدَفِ الغَيمِ البَعيد..
يَرقُدُ خَلفَ انقِباضِ القُلوب
هُناكَ في غَيهَبِ الفَيافي الزّاحِفَة
أحلامٌ صَرعى...
تَنِزُّ عَطَشًا مُبهَمًا..
لا تَكُفُّ عَن الامتِدادِ خُيوطُ الحلُم..
تَمتَدُّ.. تَمتَدُّ حتى شَفَةِ الموتِ الرَّطب..
في الحلُمِ لا أحَدَ يَموتُ بِلا وَداع..
في الحلُمِ لا يَتَرَدَّدُ الموتُ أن يَلبِسَ ثَوبَ الجَمال
نَرى شَمسًا غَيرَ الشّمس..
أفُقًا تَجلِدُهُ الرّيح
حُبًا تُغَيِّبُه الأسرار
لا تَمنَحُنا سوى تَجرِبَةِ اللُّجوءِ إلى مَزيدٍ مِنَ الأعذارِ
في وَجهِ الرّيحِ المتَعَطِّشَةِ إلى زَمَنٍ يَتَقَلَّص..
كُلُّنا يَقتُلُنا الخوفُ عَلى تَضاريسِ الغِوايَة..
أيُّها الماضي!
أنَذا أَقِفُ على الحافَّةِ اللّامَنظورَةِ لِـحُلُمِيَ المجروح
أرى أقوامًا مِن جِلدَتِنا ..
يَتَقَوقَعونَ تحتَ الأدخِنَةِ الرّاعِشَةِ لهزيمةِ الحلُمِ الأخير
يُحاوِلونَ إسبالَ حُدودِ الحلُمِ عَلى الهاوِيَة
يَستَوقِفونَ الصّمتَ على شَرَفِ الغائِبين..
في جِراحِنا المعزولَةِ عَن إحساسِنا
تَتَناسَلُ أعباءُ اللّذَّةِ
شَيءٌ ما يَجعَلُنا نَستغيثُ جُنونَنا
نَستَجمِعُ كُلَّ جَلالٍ سَقَطنا في الطَّريقِ إليه..
لِنُكَرِّمَ مَن لا يَنتَظِرونَ تَكريمَنا
ثُمَّ نَأوي...
نَلوذُ بِعَدالَةِ الحلُمِ الأَبَدِيَّة..
نُعيدُ صِياغَةَ المراثي في استِحضارِنا مَفاخِرَ الأجداد
نَروحُ إلى مَرايا العَتمِ التي لا تُتقِنُ تَحسينَ صُوَرِنا لَنا
نُعيدُ تَحالُفَنا مَع قِصَصِ الغابِرين
نَستَعِدُّ لِسَفَرٍ بَعيدٍ يَطول..
لِسِردابِ أُسطورَةِ الانتِصار..
لِريحٍ تُغازِلُ صَحراءَنا..
تُحاوِلُ إغراءَها بالرَّحيل...
إلى نُقطَةٍ لانزِياحِ الخريف..
يُقَلِّلُ فينا جَفافَ الأماسي
لِتَعدو عَذارى الصَّهيلِ الـمُخيف
خارِجَ أعذارِنا الغائِرَة.
# بقلمي: صالح أحمد (كناعنة) ...