· المَتْنُ
لِسَلْوَى هَذِهِ الأشياءُ : مِرآةٌ من البلّورِ مُطفأةٌ، وبَعضُ ملابسٍ سَوْدَاءَ ضَيقةٍ، وَأُخْتٌ لا تكلِّمُها، وَصَاحِبةٌ مُثقفةٌ تدقُّ البابَ أحيانًا، وَقِطٌ لا يَمُوءُ، وذِكرياتُ الخِطبةِ الأولَى، وَصورةُ والدٍ وَلَّى، وَأعوَادٌ مِن النعنَاعِ مُهمَلةٌ وَيَابِسَةٌ، وَكَلْبُ حِرَاسةٍ قُدَّامَ مَنزلِهَا، وَجُنْدِىٌ وَضُبّاطٌ مِن الحَلْوَى، وإبْرِيقٌ مِن الفخَّارِ مُلقَىً فى مُصلاَّها، وَأوْرَاقٌ مُبَعْثَرةٌ، وَعُشّاقٌ بلا أسْمَاءَ تزعُمُ أنهم غَدَروا، ودِيوَانٌ مِن الشِّعْرِ المُقفَّى غيرُ مَنسوبٍ لِصَاحبِهِ، وَأغنيةٌ بصوتِ العندليبِ (أفادت الأنباءُ بعدُ بأنها لنجاةْ) !!
وَنَخْلٌ .. ليْسَ يُثمِرُ فى مواسمِه، وعُصفورٌ لَقِيطٌ فى حديقتِها، وبئرٌ لا دِلاءَ لها، وأشْبَاحٌ تُطارِدُهَا، وأحْلامٌ مُلَوَّثةٌ، وَخَالاتٌ وَعَمَّاتٌ أَجَرْنَ السائِلَ المَحرومَ حُبًا فى أناقتِهِ، وَجَارَاتٌ أَقَمْنَ لبائعِ الليمونِ تمثَالا فَغَافَلهُنَّ مُحتَالا وَجَاءَ يَبيِعُ مُشتَاقًا لَهُنَّ المَوْزَ والرُّمّانْ!! لَهَا فُرُشٌ، وَأغْطيَةٌ، وأدْعِيَةٌ، وَحَقٌ فى مُمَارَسةِ التصوّفِ واكتِشَافِ اللذةِ الأخْرَى، وأرْصِدةٌ مِن الأمْوَالِ في بَنْكِ الجَمَاعَةِ – لَسْتُ أَعرِفُ مَا الجَمَاعةٌ -!!
يَهمِسُ الخُبَثاءُ
أنَّ لها عَلاقَاتٍ مَعَ الطوفانِ! لكِنَّ المؤكَّدَ وَالذى جَاءتْ بِهِ الكُتبُ
القديمةُ أنَّ عينيْهَا ونَهْدَيْهَا وأشْيَاءً مُخدَّرَةً مَنَاطِقُ تَدفَعُ الخُبَثاءَ
للتحليقِ فى جَوِّ الأساطيرِ الغَبيةِ، كَيْفَ تَتصِلُ العَلاقةُ بَيْنَ طوفَانٍ وَسَلْوَى؟
لَيْسَ للطوفانِ أشواقٌ ولا جُرْحٌ قَديم، ليْسَ للطوفانِ مُعتقَدٌ يَديِنُ
بهِ وَلا شَيْخٌ حَكيم، لَيْسَ للطوفانِ غَيْرُ
مَنَازلِ الفُقَرَاءِ، لَيْسَ لهُ جَبِينٌ كَي يُقبِّلَهُ المَسَاكينَ احْتِمَالاتُ
العَلاقةِ غَيْرُ وارِدَةٍ، ولكِنّ العَجَائِزَ مُغرَمَاتٌ بالحكاياتِ العَجيبةِ،
مَنْ يُصدِّقُ أنَّ سَلْوَى تُنجِبُ الأولادَ ليْلاً ثم تدفنُهم صَبَاحًا فى حَديقتِهَا؟!
(رَوَتْ هذا مُخَرِّفةٌ عَقيمٌ) .. مَنْ يُصدِّقُ أنّ جِنيَّاً مِن الكُفَّارِ قَبَّلَها
وَوَاقَعَهَا؟! (رَوَتْ هَذَا عَجوزٌ لم تُصَلِّ ولم تذُقْ رَجُلاً) حكاياتٌ
مُفصَّلةٌ علَى قَدِّ اتساعِ فَمِ العَجائزِ، لا عَلَى قَدِّ الحروفِ الأبجديةِ ..
للحروفِ الأبجديةِ بعضُ أشكالِ التمردِ: تُطلِقُ
النيرانَ في وجهِ المساءِ، وتُطعِمُ الأطفالَ حُبًا وانتِشَاءً، تَستَحِمُّ علَى
ضفافِ قصيدةٍ .. وَتَنَامُ بَيْنَ حَمامِهَا وحِمامِهَا ..........!
·
الهوامش :
(1)
لِسَلْوَى
أنْ تَجِئَ بِكِيسِ تَمْرٍ ،
لِسَلْوَى
أنْ تُقبِّلَ وَجْهَ مَحمودٍ
وَتُلقِى
فوْقَ طَاوِلَتِى يَمَامَهْ
وَلِي
أنْ أختفي خَلْفَ القَصِيدةِ
ثُمّ
لي أنْ أَصطَفي شَيْخًا
يُحَدِّثُ
عن عَلامَاتِ القيامهْ
(2)
لِسَلْوَى
حِينَ أُنشِدُهَا :
"
لِي لذَّتَانِ وَللندمَانِ واحِدةٌ "
هَوَىً
بقصائدِ المَجنونِ في ليْلَى
ولكِنْ
كَيْفَ أُنشِدُهَا
وَلِي
أَنَا في هَوَى المَجنونِ شِعرٌ
أَغَارَ
علَى قَصَائدِه وَوَلَّى؟
"
تَمُرُ عَلَى الديارِ ديار ليْلَى
ضُحَىً-
مَا شِئْتَ تقبيلاً- وَليْلا
ومَا
حُبُّ الديارِ شَغفْنَ قلبًا
لَدَيْكَ
ولكِنِ المَحبوبُ أوْلَى
أَفِقْ
يَا أيُّهَا المَجنونُ وارْشَدْ
فَقَدْ
جَرَّ الزمَانُ عَليْكَ هَوْلا
تَغيَّرتِ
الديارُ وَسَاكِنوهَا
وأُبدِلَت
المُنَى أسَفا وَوَيْلا
فَلا
دَارُ الأحِبّةِ ذِي بِدَارٍ
وَلا
لَيْلاكَ- يَا مَجنونُ – لَيْلَى ...! "
(3)
فَتَحْنَ
البَابَ أياما ...
نَثرْنَ
المِلحَ أعواما .....
ولَم
يَأتِ
وأَشْعَلْنَ
البَخورَ
مَرَرْنَ سَبْعًا
ثُمّ
عُدْنَ عَليهِ سَبْعًا
وَشَيَّعْنَ
الجَنَائِزْ
ولم
يَأتِ ....!
لِسَلْوَى
أنْ تُقيمَ الآنَ
قُدَّاسًاً
لأحْلامِ العَجَائزْ
(4)
لِسَلْوَى
أنْ يُغازِلَهَا رِجَالُ الأمْنِ
وَهِيَ
تَمُرُّ في طُرُقِ المَدينَهْ
وَحِينَ
تَجِىءُ تَسألُني
رِجَالُ
الأمْنِ مَسرورونَ يَا سَلْوَى
ولكِنّ
البَنَادِقَ بَيْنَ أيْدِيهِم حَزينَهْ
.............
أشرف البولاقي