قصيدة / محطة الشهداء
////////////////////////
لـ / عمرو المصري
//////////////////.........قراءة بعينى/ حمدي موسى
يَا مَنْ ..
عينيكي خنجرين مابيرحموش ..
وازاي أحوش نفسي وانا
أنا مَنْ جعلتُ الشْعِر في عينيكِ ملتهبا
عَلمتكِ العشقَ ولمْ أتعلم الأدبا
وانا لسه واقف بانحني قدام شفايف حضرتك
وبكبرياء
وعلى خطاويكِ التي ..
هزت مشاعرَ ساحةِ المترو
في محطة الشهداء
وقفَ الجميعُ ليعلنوا معنى الولاء
أما أنا ..
فلقد تعلمتُ فنون العزفِ من زمنٍ
وجميعُ ما في القلبِ
مِنْ نبضٍ ومن شوقٍ ومن عشقٍ
قد أدمنوا الطربا
وصوابع العشق اللي كانت بين شفايفنا
وكأننا.. فرخين حمام
نام اللي نام
وانا وانتي والليل الطويل
يصحى الكلام
هذا الذي..
يفتح شبابيك الوريد
وبدون ما يستئذن دخول
للا نهاىة بدون وصول
واكيد يكون
عشقٌ تَمطْعَ في دمي لا ريب فيه
قسماً بخديكِ اللذين تقاسما التفاحَ والرطبا..
سأقول أنتِ حبيبتي
ومليكتي ومدينتي
ماذا سأفعلُ يا ترى ؟
والشوقُ نارٌ داخلي ..
وعواطفي أشعلتُها حطبا
يا دوحةَ العشقِ التي ..
يتوحدُ القطبانُ بين عيـونِها
واتجمعوا الزمكان
وبتترسم كل الخرايط من جديد
حتى التاريخ بيعيد كتابته من جديد
ماانتي البراح اللي في عيوني و ماانتهاش
وانتي الربيع اللي ف جبيني ...
بيترسم سكة وطريق للعاشقين
وأنا الخريف اللي ف عيونك راح مجاش
ولكنني لَمْ أعَرف السببَ
هزّي بندهديكِ اللذين تَقَاسما الرمان والعنبا
وتَعَانقا شوقاً لعزفِ أناملي
كي يسقطا جُملاَ
قد أرسلا ضوءً من الشمسِ التي ..
راحَتْ تُسافر في دمي
كيمامتين صغيرتين
علي يدي..
يتعلمانِ الرقصَ و اللعبا
علمتكِ العشقَ ولم أتعلم الأدبا.
/////////////////////////////////
..
............................................
أولا الشاعر
.............
عمرو المصرى ...هو أحد أهم جيل الشباب من شعراء العامية فى هذا العصر
فهو شاعر يحمل بين جنباته مشروع شعرى متكامل فهو من القلائل الذين لهم وجهة نظر فى القصيدة خاصة وفى الشعر عامة فهو يرنو لتاريخ يصنعه بنفسة يحاول جاهدا أن يترك بصمة خاصة به على بدن قصيدة العامية المصرية لذلك فهو يكد ويجتهد ويتعب قلمه حتى يكتب قصيدته فهو يحمل هم المعنى ويشقى فى اختيار الموضوع حتى ولو كان الموضوع عاطفيا وهو الموضوع المتاح لأى شاعر. عمرو المصرى يجعل من موضوع متداول وكأنه فكرة لم يتطرق إليها أحد من قبل وتلك الميزة فى عمرو المصرى تجعله مختلف عن بنى قومة ومن هم على الدرب سائرون معه ولو تجولنا بين قصائدة أو حتى استمعنا إليه متحدثا عن الشعر والقصيدة سنعرف كم هو دؤوب وناظر الطرف إلى ابعد من القصيدة التى يكتبها فكأنه يريد أن تكون قصيدته تأريخا لحياته أولا ثم تأريخا للعصر الذى يعيش فيه...هذا الكلام اقوله عن دراية وعن سمع وعن رؤيه وانا اترك خلف ظهرى خمسون عاما من العمر أكثره متأملا ومراقبا.
عمرو المصرى من الشعراء الذين حققوا معادلة الشعر والرؤية الفلسفية معا يهتم اهتماما كبيرا بالموسيقى فى أشعاره ولا يبتعد ابدا عن الحس العربى للشعر فهو يمزج بين الصورة البلاغيه الجميلة والبعد النفسى للمتلقى فهو لم يجنح إلى الطلاسم الشعرية ولكنه ركن على الإبداع التصويرى للمعنى فكان رائعا متميزا لأنه يكتب من داخل البيئة الشعرية التى تربينا على عمومها .ما ذهب إلى التعالى على القارئ والمعنى فلم يكتب من مبهم القول بحجة عدم المباشرة ولكنه كان واعيا مدركا للحالة النفسية للشخصية التى يكتب لها ومنها وإليها فحقق البلاغة والفكر والرؤية معا قصيدته مفهومه برغم ابعادها الفلسفية ومحيطاتها البلاغية لذلك فقد فاز ديوانه (غرفة إنعاش) بالمركز الأول على مستوى الجمهورية فى منافسة مع أكثر من ألف ديوان لذلك من خلال عمرو المصرى أحب أن اقول للذين يكتبون أشعارهم لقاطنى مستشفى الأمراض العقلية هكذا يكون الشعر ابعاد ورؤى ووضوح
.....................................................................
********************** القراءة*********************
.........
(يا....من ) بدأ عمرو المصرى قصيدته محطة الشهداء بآداة النداء وبإسم موصول بداية لقصيدة تنبئ عن مفاجأة فاستخدام آداة النداء فى بداية القصيدة يوحى أو بالأخرى يدل على أن هناك بعيدا سينادى عليه ولكنه فاجأنا بخروج من فصاحة النداء إلى عامية تتيح له البدء كيف يشاء ..فقال
يامن عنيكى وكأنه يخاطب شاهدا حاضرا وليس بعيد كما أوحى بحرف النداء فى بداية القصيدة ولكن (من) الموصوله اتاحت له هذا القرب وتلك الشهادة
(يامن عنيكى خنجرين ما بيرحموش )
من البديهى والمعروف أن الخنجر هو آداة للقتل إلا إذا كان بين يد رحيمة ولكنه لما شبّه عينيهابالخنجرين أراد القول بأن الرحمة هاهنا غير محببة لقلب العاشق حيث أنه يتمنى القتل بهما فأعاد الفعل إلى حظيرة الفاعل فكانت الدهشة دلالة على منطقية الحدث وهذه صورة بديعه افتتح بها عمرو المصرى قصيدته فجاء بالقسوة من بين ثنايا الرحمة والإحتواء وهما عيون حبيبته
(يامن عنيكى خنجرين ما بيرحموش....وازاى احوش )
للموسيقى فى أشعار عمرو المصرى مكان ومكانة لذلك سنجده هنا ثنى بقافية داخلية أسبغت على المعنى جمال....مابيرحموش وازاى احوش وصيغة السؤال طرحت بعدا موسيقيا آخر.....(وازاى احوش نفسى وانا )
وهنا يقف عمرو وقفة أعدّ لها مسبقا وجهّز لها نفسه وروحه متأنيا قاصدا عامدا فوقف على كلمة ....أنا..... وكأنه يريد الفصل بينه و بين نفسه لما استخدم حرف العطف ..نفسى وانا.....ثم وكأنه قد استجمع كل قواه وشد كل عزائمه الشعرية والنفسية وثنى بنفس الكلمة التى تجمع هذه المره بين نفسه وروحة وبدنه فى بوتقة واحدة من الحياة وبدأ بنفس الكلمة ....أنا ... مستخدما شموخ الشعر وعزة نفس الشاعر العاشق الولهان فقال بإباء وكبرياء وشمم
(ازاى احوش نفسى وانا...أنا )...(أنا من جعلت الشعر فى عينيك ملتهبا)
يا الله ...كثافة شعرية مرهقة جدا لأى ناقد ومحلل ولكنه بفطرته الشعرية البالغة النقاء يكتبها ببساطة وسهولة ويسر...(انا من جعلت الشعر فى عينيك ملتهبا ) ولكننى أرانى أحب أن تكون هذه الشطرة هكذا...(انا من جعلت الشعر من عينيك ملتهبا) باستبدال حرف الجر ..من...بدلا من حرف الجر ..فى ..
(علمتك العشق ولم أتعلم الأدبا ) وهنا لى وقفة ومن ثم كلام . كنت اعتقد انه سيقول
علمتك العشق وما علمتك الأدبا........فمنطقية السياق تقول ان المعلم يعلم كذا وكذا وليس يعلم اشياء ويترك اشياء لأن المتروك فى حد ذاته ليس ملكا للمعلم فلطالما تركه إذن فهو غير مالكه فالمنطقى علمتك كذا ولم أعلمك كذا ..مثلا علمتك العشق وما علمتك الغزل أو علمتك الحب وما علمتك السهر مثلا لكن عمرو المصرى بشخصيته الشعرية الخاصة أجهض المتعارف عليه وقال...
(علمتك العشق ولم أتعلم الأدبا ) فقرن بينه وبين حبيبته فى مقال واحد بمعنى قد علمتك وانا لم أتعلم بعد وفى هذا جمال خاص بشخصية الشاعر
(وانا لسه واقف بانحنى قدام شفايف حضرتك وبكبرياء )
فى هذا البيت أو تلك الشطرة الشعرية أربع كلمات استخدمهم عمرو المصرى استخدام العبيد وكأنهم خدم فى حاشيته الشعرية ولم لا وهو سيد القصيدة كلها وهؤلاء الكلمات هم .. واقف بانحنى....حضرتك....وبكبرياء.... أولا واقف بانحنى وكأنه اراد القول أن الإنحناء ما تجاوز الوقوف لذا فهو انحناء وهمى تشعر به الحبيبه لكنها لا تراه......ثانيا كلمة حضرتك....وكأنه يقول لها سيدتى ومولاتى وهنا ينزلها منزلة الملكة وكأنه يخدعها بلقب مزيف يمنحه هو لها ومن يمنح الملكة لا شك هو الملك ثم يعيد اللقب لنفسة مرة أخرى حينما يقرر شامخا أنه وبكبرياء وكأن المسأله عبارة عن تمثيلية فلقد اعطاها كل شئ ولكنها حينما فتحت يديها لترى العطيّة لم تجد إلا شعورا يرضيها وفقط
((وعلى خطاويكى التى هزت مشاعر ساحة المترو فى محطة الشهداء
وقف الجميع ليعلنوا معنى الولاء...أما أنا !! )) هنا لا أدرى تحديدا ماذا يريد عمرو المصرى من استخدام اسم محطة الشهداء ولماذا يصور هذا المشهد فى هذا المكان تحديدا فإنه من الجنون الشعرى أن يستخدم الشاعر اسم محطة الشهداء وهى رمز من رموز ثورة يناير بتغيير الإسم من مبارك إلى الشهداء وهو لا يرمى من وراء الإسم بمعنى وطنى أو سياسى وإلا فما الداع لا ستخدام هذا المكان تحديدا مسرحا للقصيدة واسما لها ومع ذلك لا ضرر ابدا من استخدام أى إسم أو أى مكان فالشاعر حر فى أن يختار من الأماكن والأزمان ما يشاء للتعبير عما يريد ولكن هل يريد عمرو المصرى الإيحاء بكينونة الحبيبه والمعشوقة ؟ هل هو يرمز ويشير عمن هى حبيبته وعشيقته ربما..ولكن السياق الكامل للقصيدة واستخدام مفرداتها لا يشير بقوة إلى هذا المعنى على كل حال للشاعر ما يريد وللقارئ ما يحب أن يفهم وفى هذا جمال...... ((وعلى خطاويكى التى هزت مشاعر ساحة المترو فى محطة الشهداء ....وقف الجميع ليعلنوا معنى الولاء...أما أنا !!....فلقد تعلمت فنون العزف من زمن...... وجميع مافى القلب من نبض .ومن شوق .ومن عشق ..قد أدمونا الطربا )) الحقيقة لم استطيع الوقوف الكامل على الرابط الحقيقى بين الولاء الذى أعلنه الجميع لتلك الغندورة التى هزت مشاعر الجميع أيا من كانت هذه المليحة وبين هذا العاشق الوحيد الذى تعلم كل فنون العزف على اوتار المشاعر..لكن لابد من القول أن عمرو المصرى قد استخدم الموسيقى فى تلك المقطوعة الفصيحة بسلاسة وانسيابيه وعذوبة وإن كنت أرى أن هذا العاشق يريد القول رابطا بين المقطوعة الأولى التى أعطاها فيها وهم الإنحناء وهذه المقطوعة التى يقول فيها انا لست كغيرى لم أعلن الولاء لك سيدتى لأننى متمرس على كل تلك المواقف فأنا الفاهم الخبير الذى يمنح ويمنع...ربما كان هذا مراد عمرو المصرى...ربما ..... ولكنه فى كل الحالات يقر ويعترف بأنها هى المحبوبة التى ترجى مودتها وما كان منه إلا غيرة من عاشق حقيقى على معشوقته التى يريد الإيثار بها..ربما..
((وصوابع العشق اللى كانت بين شفايفنا.....وكأننا فرخين حمام...نام اللى نام..وانا وانتى والليل الطويل يصحى الكلام...هذا الذى يفتح شبابيك الوريد.....وبدون ما يستئذن دخول....لالا نهاية بدون وصول....))
خرج عمرو المصرى توا من المقطوعة السابقة على هذه المقطوعة وكانت باللغة العربية الفصحى من اول ((وقف الجميع ليعلنوا معنى الولاء.....إلى أن دخل فى تلك المقطوعة التى بدأها باللهجة العامية.....وصوابع العشق ))
هنا لا بد من الإعتراف الكامل بالوعى الكامل لعمرو المصرى فى مزج العامية بالفصحى والعكس وبإدراك وفهم يستحق عليه التحية والتقدير...لماذا ؟
الرجل جارج لتوه من الفصحى ولو كان قد استمر فيها لا رتكب أحد الخطأين التاليين أو أحدهما على الأقل ...فى قوله(( وكأننا فرخين حمام )) لو كان قد استمر فى الفصحى لتحتم عليه أن تكون الجمله هكذا وكأننا (فرخاااان حمام)
وهنا إن لم يتعرض لكسر عروضى كان سيتعرض حتما لثقل فى النطق يخرج الجمال عن سياقه فى كلمة (فرخان) الضرورية النحو والصرف لأنه من المعلوم إن ..كأن...من أخوات إن .... ونا.....إسم إن....فكان من المفروض فى هذه الحالة أن تنطق الكلمة ....فرخان وليس فرخين...... لإعرابها خبر كأن مرفوع بالألف لأنها مثنى ولكنه كان يقظا واعيا بارعا لما خرج من الفصحى مسرعا متجها إلى العامية ليتيح للمعنى أن ينتصر على المبنى وتلك يقظة نادرة استطاع بها عمرو المصرى أن ينجو من فخ الفصحى لما عرف أين ومتى وكيف يسمح للعامية بكل همجيتها النحوية أن تعبر له عن المعنى الذى يريد باللفظ الذى يريد وهنا لابد من تحية اليقظة الفنية لعمرو المصرى فى كيفية الدخول والخروج من الفصحى إلى العامية وبالعكس ..برافو عمرو.....أما عن البلاغة فى تلك المقطوعة التى تبدأ ((بصوابع العشق اللى كانت بين شفايفنا
والتى تنتهى ب للا نهاية بدون وصول )) فلقد تألق عمرو المصرى فى تصوير صورة لعاشقين وكأنهما فرخين من الحمام يطعم كل منهما الآخر بمنقارة دليلا على الحميمية الطاغية والحب الجارف الذى يأبى الفواصل والحدود....((.يصحى الكلام هذا الذى )) يصور المصرى الكلام وكأنه ثالثهما يفتح شبابيك الوريد....ينظر إليهما من داخلهما.((.ايه ياواد الحلاوة دى)) هذا الثالث المتمدد بينهما ليصلهما ببعضهما....الله الله صورة بلاغية مبهرة يحسده عليها كتاب الفصحى ولا شك فضلا عن كتاب العامية... خصوصا أنه سيصل للا نهاية بدون وصول ...... وهنا فقط أتحفظ على كلمة أو حرف ...للا.....نظرا لثقله الواضح وفقط لأنه ما خل وما اختل...... ((وأكيد يكون.....عشق تمطع فى دمى لا ريب فيه.....قسما بخديك الذين تقاسما التفاح والرطبا......سأقول انت حبيبتى...ومليكتى.......ومدينتى......ماذا سأفعل ياترى والشوق نار داخلى.....وعواطفى أشعلتها حطبا......))) وهنا عاد المصرى مرة أخرى للفصحى ممتطيا صهوة حرف بليغ ولم لا وهو يقول ....عشق تمطع ....ماهذا العشق ي أخى الذى يأخذ كل تلك الراحة بين جنبى هذا العاشق وفى دمه خاصة أنه يقول أنه عشق لا ريب فيه.....اسمحلى يا عمرو ...يخرب بيتك....
ولقد أتى بكلمة لها من الجلال والكمال ما لها لأنه يأخذك وأنت لا تدرى مرغما دون تفكير إلى لاريب فيه المعروفه...فى كتاب الله ..صحيح الكلمة تستخدم استخدامها العادى ضمن كلمات اللغة لكنها آتيه من المكان العلم القرآن الكريم هو سيدها الأول والأخير.....فأينما ذكرت لا ريب فيه مجتمعة لابد أن تعود بقارئها إلى جلال المكان الأول جمال المعنى وكمال الصدق.... ثم ربما قاصدا وربما هو السياق اتبعها عمرو المصرى بالقسم
وكأنه ينمى معناها ويكمل دورة الحرف البليغ ليبلغ أشده فى المعنى العام للمقطوعة ....((.قسما بخديك الذين تقاسما التفاح والرطبا..... إلى أن يقول وعواطفى أشعلتها حطبا ..يالله.... وكأنه يأخذنا سيداتى وسادتى إلى صورة قيسية ليلاء.... فى قصة الحب الخالد قيس وليلى..... القصة التى بهرت العشاق والشعراء.... فمن ينسى قول شوقى......عفراء ..مولاتى...خذى وعاء واملائيه لابن عمى حطبا....... خصوصا أنه جاء بها فى سياق الجزء المكتوب بالفصحى وليس بالعامية وكأن الشاعر يعبر عن قوة هذا الحب فى هذا المقطع يربط الماضى والحاضر معا فكلمة حطبا تحديدا لها وقع على الأذن العربيه تفعل بها الأفاعيل لما لها من قوة لفظيه ومعنى مشتعلا وحرفا سهلا يسيرا... ولكن لى هنا وقفه هامة مع كلمة.....(( رطبا ))).... وسأعود إليها فى حينها
يا دوحةَ العشقِ التي ..
يتوحدُ القطبانُ بين عيـونِها
واتجمعوا الزمكان
وبتترسم كل الخرايط من جديد
حتى التاريخ بيعيد كتابته من جديد
ماانتي البراح اللي في عيوني و ماانتهاش
وانتي الربيع اللي ف جبيني ...
بيترسم سكة وطريق للعاشقين
وأنا الخريف اللي ف عيونك راح مجاش
ولكنني لَمْ أعَرف السببَ........
........................................... هنا لابد من قول هااام ورؤيه اعتقد انها لو كانت صحيحة والمعنى المخبأ فى بطن الشاعر كان ما وصل إلىّ لكان عمرو المصرى شاعرا داهيه وهو كذلك
..ارى واشعر وأعتقد أن عمر المصرى قد بنى تلك المقطوعة كلها على كلمة واحدة وهى كلمة.... الزمكان....... تلك النظرية التى تعبر عن تباطؤ الزمان وانحناء المكان على حسب النظرية النسبيه لأينشتين فأنا أعتقد ان تلك الكلمة الزمكان كانت هى الشغل الشاغل لعمرو المصرى ليبنى عليها تلك المقطوعة وربما ليبنى عليها كل تلك القصيدة الرائعة واناهنا اعترف أننى كنت ناسيا لهذه الكلمة المفردة المثنى وربما الجمع ولكن فى إحدى مناقشاتنا البناءة الثرية تعرض عمرو نفسة لتلك الكلمة فأعادنى إليها مرة أخرى متعلما إياها من جديد شكرا عمرو المصرى..... وهى بالتأكيد كلمة تدل على إبداع وخلق جديد أخذ بها عمرو المصرى السبق فلو استخدمها شاعر غيره بعدها لكانت سرقة أدبية مع سبق الإصرار والترصد يعاقب مستخدمها بمواد القانون إلا إذا سمح وتفضل عمرو المصرى ياستخدامها مع حفظ حقوق المؤلف ولذلك لن أطيل النفس فى شرح تلك المقطوعة السابقة فلقد وظفها كلها عمرو المصرى على ما ارى لخدمة كلمة.... الزمكان.... وربطها بسياق القصيدة رباطا وثيقا فى تسلسل بديع مع ما سبق لها من مقاطع وبالتأكيد مع ما سيتبعها ..........
هزّي بندهديكِ اللذين تَقَاسما الرمان والعنبا
وتَعَانقا شوقاً لعزفِ أناملي
كي يسقطا جُملاَ
قد أرسلا ضوءً من الشمسِ التي ..
راحَتْ تُسافر في دمي
كيمامتين صغيرتين
علي يدي..
يتعلمانِ الرقصَ و اللعبا
علمتكِ العشقَ ولم أتعلم الأدبا...............
..............................................فى هذه المقطوعة أحب أن أعود إلى كلمة ...(الرطبا.).... والتى قلت سابقا أننى سأعود إليها فى حينها وهى الكلمة التى جاءت فى سياق قول عمرو...((.قسما بخديك الذين تقاسما التفاح والرطبا))... كان من الضرورى فى نظرى وفى سياق المتعارف عليه من سيرة قصة مريم القرآنية..... أن تكون كلمة الرطبا لها المكان والمكانة الأولى على كلمة ((العنبا )) لأن هذه المقطوعة الأخيرة بدأت بكلمة ( هزى ) ومن المتعارف عليه فى سياق المعنى المألوف (( فى قوله تعالى هزى إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا )) فماذا يضير عمرو المصرى لو استبدل كلمتى ((الرطبا والعنبا )) لتكون كل منهما فى مكانها الأولى بها... والذى يعبر عنها افضل تعبير.....اما عن القطعة الشعرية كلها فلقد ابدع عمرو المصرى فى استخدام الصورة الجمالية والتراكيب اللفظية والبلاغية بمهارة واقتدار... ((وتعانقا شوقا لعزف اناملى كى يسقطا جملا)) ..تركيبة شعرية غاية فى الجمال واختيار الفصحى لها زادها جمالا على جمال فلا أعتقد أن هذه الصورة من الممكن أن تنصفها اللهجة العامية وتجعلها أجمل من ذلك أرى أن عمرو المصرى قد أبدع أيما إبداع فى دمج الفصحى بالعامية وبالخروج والدخول السلس من وإلى.....بكل احترام للحرف وتقدير للمعنى وإجلال للقصيدة وتعبيرا عن كونه شاعرا كبيرا يستطيع التجوال بين ثنايا اللغه ليستخرج الدفين من درر ولألئ البلاغة....
....
قد أرسلا ضوءً من الشمسِ التي ..
راحَتْ تُسافر في دمي
كيمامتين صغيرتين
علي يدي..
يتعلمانِ الرقصَ و اللعبا
علمتكِ العشقَ ولم أتعلم الأدبا.........أبى عمرو المصر إلا أن يختتم رائعته بالفصحى كما بدأ بآداة النداء..يا .... وبالإسم الموصول ..من... وبنفس الشطرة الأولى ليترك القارئ موصولا بالقصيدة مرتبطا بها متذكرا إياها وهو فى حالة من النشوى والإشباع...فتلك القصيدة التى أعطيتها من وقتى اكثر من أربع ساعات راضيا سعيدا أن أتجول بين حروفها متعلما ومستمتعا برائعة شعرية قلما نعثر على مثيلاتها فى هذا الزمان الشعرى الضحل خصوصا على شبكة التواصل الإجتماعى الذى قفز فيه الادعياء إلى الصفوف الأولى وهم لا يملكون ما يجلسون عليه فافترشوا ارض القصيدة منتهكين كل حرماتها.....شكرا عمرو المصرى الشاعر الكبير على قصيدتك الرائعة فلقد استمتعت بها كل المتعة
.................... مع تحياتى
حمدي موسى