تَوَطَّنَ العَارُ فِيْ أرْضٍ لِذِيْ شَرَفٍ
سَاقَ القَطِيْعَ بِهَا بِالوَهْمِ نَاضِحُهُ
وَعَابِدُ البَرْدِ ظَنَّ البَرْدَ فَي أَبَدٍ
لَعَمْرُكِ الحَرَّ مَا أَعْيَتْ مَرَاوِحُهُ
تأويلُ رُؤْيَايَ فِي الأمَصْارِ أبْصِرُهُ
فِي كُلِّ مِصْرٍ دَمَاً مَلأى مَسَارِحُهُ
يَالَيْتَنِيْ عُذْتُ مِنْ حُلْمِيْ وَعَوَّذَنِيْ
مَسُّ السَّمَاءِ أَلا جَلَّتْ مَسَابِحُهُ
الحَلْقُ مِنْ شَجَنٍ فَارَتْ مَرَارَتُهُ
يُمْنَى بِرِيْقٍ بِهِ مُهْلٌ يُنَاكِحُهُ
شَيْمَاءُ لا تَفْتَحِيْ بَابًا أُغَلِّقُهُ
وَدِدْتُ لَوْ فَارَقَتْ قَلْبِيْ مَلامِحُهُ
بِقَدِّ نِضْوٍ أعُوْلُ الهَمَّ ... أكْفُلُهُ
فَضَاقَ ذَرْعَاً وَمَا ضِيْقًا يُصَارِحُهُ
تَرَاقَصَ الحَرْفُ والمَغْلُوْلُ صَائِغُهُ
والحَمْلُ حَمْلانِ إِذْ إِثْمٌ وَفَادِحُهُ
تَصَدَّعَ النَّايُ وَالأَوْجَاعُ مَا رَئِفَتْ
وَكُلُّ يَوْمٍ كَسُوْءِ الأَمْسِ صَابِحُهُ
وَأصْعَبُ البَيْنِ مَا ضَاقَتْ بِهِ قَدَمٌ
وَأَرْذَلُ العُمْرِ مَا مَوْتٌ يُمَازِحُهُ
سَلِي التَّوَارِيْخَ عَنْ بِيْضٍ إِلَى عَرَبٍ
تَتِيْهُ فِي غَسَقٍ سُوْدٌ مَفَاتِحُهُ
يُغْتَالُ رَبْعُكِ فِي سِرٍّ وَفِي عَلَنٍ
وَمِثْلَ مِثْلَيْنِ مَذْبُوْحٌ وَذَابِحُهُ
فالشَّمْسُ فِيْ ظُلَمٍ غُلَّتْ إلَىْ عُنُقٍ
لِيَذْبَحَ البُلْبُلَ الشَّادِي مُكَافِحُهُ
والنَّاظِرُوْنَ إِنَاهُ الآنَ مَا وَجَدُوا
فِيْهِ الطَّعَامَ لِأنَّ السُقْمَ كاسِحُهُ
الطِّفْلُ يَكْبُرُ فِي بَيْتٍ قَوَائِمُهُ
كَحَبِّ رَمْلٍ بِهِ نَامَتْ صَفَائِحُهُ
مَعَ الدُّمَى حِيْنَ يَلْهُو فِيْ جَوَانِبِهِ
يُلَقِّطُ الحُلْمَ مِنْ لَهْوٍ يُبَارِحُهُ
أَبُوْهُ فِيْ بَصَرٍ مَا عَادَ يَشْهَدُهُ
فَيَحْسِبُ الأَبَ قَدْ مُدَّتْ أَبَاطِحُهُ
يَرَى دُمُوْعًا وَأمَّاً لا تُفَارِقُهَا
وَأَلْفَ مِثْلٍ لَدَى دُنْيَا تُفَاتِحُهُ
تُنَاطِحُ الرَأْسَ أَلْفٌ فِي تَفَكُّرِهِ
مِثْلَ البَرَاثِنِ فِي صَدْرٍ تُنَاطِحُهُ
شَاخَ الصَّغِيْرُ وَقَلْبٌ قِيْلَ ذُوْ صِغَرٍ
دَعِي صَغِيْرَكَ إِنَّ الإرْثَ طَارِحُهُ
آَلُ الحُقُوْقِ بِيَوْمِ النَّدْبِ مَا بَرَزُوا
وَمَنْ تهاونَ فِيْ حَقٍّ فَنَائِحُهُ
وَمَنْ يُرَاعِي فَمَذبُوْحٌ عَلَىْ مَلَأٍ
كَرَأْسِ جَدْيٍ مَضَى وَالذِّيْبُ سَافِحُهُ
أنَّىْ نُوَارِي إِذَا فَاضَتْ تَرَائِبُنَا ؟!
وَمَنْ يُوَارِي وَنَهْرُ الدَمْعِ فَاضِحُهُ
فَكَمْ خَلِيْلٍ غَدَا خَصْمًا يُحَارِبُنِيْ
بِدُوْنِ ثَأرٍ إِذَا تَقْضِي مَصَالِحُهُ
وَذَا الهَلاكُ إِذَا بَيْتِيْ غَدَا إرَبًا
يَجْنِيْ المَفَازَ إِذَا غَابَتْ مَلامِحُهُ
تَعَجَّلَ العِلْمَ مُوْسَى قَبْلَ مَوْعِدِهِ
فَغَارَ جُرْحٌ لَهُ مَا القَصْدُ جَارِحُهُ
وَمَا أَحَاطَ بِأَمْرِ الخَرْقِ ذُوْ نَبَأٍ
وَلا لِهَارُوْنَ يَوْمًا سِيْقَ شَارِحُهُ
تُهْدَى العُقُوْلُ لَنَا حَتَّىْ نُصَاحِبَهَا
هِي النَّصُوْحَةُ يَوْمَاً غَابَ نَاصِحُهُ
يا قَائِلاً عَنْ رَبِيْع ٍفِيْ تَنَاحُرِنَا
نَطَقْتَ عَنْ كَذِبٍ فَاحَتْ رَوَائِحُهُ
سَائِلْ بِرَبِّكَ مَنْ قَدْ سَارَ فِيْ جُثَثٍ
أَحِيْنَهَا شَبِعَتْ عَدًّا جَوَارِحُهُ؟!!
لَا يَحْمَدُ اللهَ دَرْبٌ ذَاكَ سَالِكُهُ
ألا تَرُوْعُكَ في درب ذبائحه ؟!!
تَقَطَّعَ الثَّوْبُ فِي شَامٍ وَفِي يَمَنٍ
فَرَقِّعِ الثَّوْبَ هَلْ لافَتْ جَوَانِحُهُ؟!!
وَمِصْرُ فِي وَجَعٍ يَعْيَا بِهِ هَرَمٌ
رَأيْتُهَا قَدَرَتْ لَوْلَا تُصَافِحُهُ
فَخُذْ رَبِيْعَكَ وامْضِ الآنَ عَنْ وَطَنِيْ
وَلَيْسَ فِي وَطَنِيْ شَيْءٌ يُسَامِحُهُ
.......
حمدي جابر