مجلة حـــــروف من نــــــــور مجلة حـــــروف من نــــــــور

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

زوبعة ...قصة بقلم الأستاذ / عصام قابيل






 استلقيت علي فراشي ومددت ساقي علي آخرها.....فجأة لمست جسما باردا....صرخت بكل قوتي...لكنها لم تكن سوي قدمي الأخري ولم أشعر بها...استغرقت في نومي الا انني قمت فزعا علي أثر ذلك الكابوس الرهيب..شعرت وكأن جبلًا جثم علي صدري...جلست في مكاني استعيذ بالله من الشيطان الرجيم...وطأطأت رأسي متأملا ماحدث...وفجأة دوي جرس المنبه أفزعني منتفضا هممت بالنزول لكن قدماي شبكت في الملاءة التي التفت علي قدمي فانقلبت علي أثرها واقعا علي الأرض....قمت متأففا من جراء ماحدث وخرجت إلي البهو الخارجي متوجها إلي الحمام...دفعت الباب بيدي ووقفت علي الحوض كي أغسل وجهي..أمسكت بقالب الصابون بكلتا يدي لاأدري لماذا...إنزلق القالب من يدي واقعا علي الأرض...انحنيت كي ألتقطه فإذا بجبهتي ترتطم بحافة الحوض...صرخت صرخة مكتومة وفجأة وجدت نقط من الدماء تتساقط علي الأرض.
 ضمدت جرحي بعد أن طهرته وخرجت مذهولا من هول ماحدث لي...شعرت أنني مقصود بكل مايحدث لي وبدأت أخاف من كل حركة قادمة ...تري ماذا تخبئ لي من الآلام ،خرجت إلي البهو أستريح قليلا من عناء ماوجدت...جلست علي المنضدة ومددت ساقي علي الطاولة الزجاجية أريحها قليلا... أطحت بالطاولة..وقعت علي جانبها وهوي لوح الزجاج مكسورا...اصابني الذعر ودفنت راسي بين يدي وقلت مال هذه الزوبعة لاتنتهي قمت مرة اخري إلي حمامي احاول أن أغتسل وأتوضأ مع حرصي علي جرحي ثم عدت الي حجرتي...صليت صلاة الصبح في مكاني فقد فات وقت صلاة الجماعة في خضم هذه الأحداث ولكن ذهب خشوعي وكثر حديث النفس أتخيل كل ماحدث في صلاتي قمت الي دولابي لأرتدي ثيابي...تناولتها من الدولاب وتهيأت تماما إلا أنني نسيت رباط العنق..بحثت عن مايليق بارتدائه مع مالبست من ثياب..ولكن بلا جدوي..رباه كنت أراها الان ماذا حدث....أعياني البحث فامسكت راسي بيدي ونظرت الي نفسي في المرآة متعجبا ولكنني لم اتمالك نفسي من الضحك..اصابتني هيستريا الضحك وأنا أضرب كفا علي كف .. ذلك أنني وجدت رابطة عنقي وقد ارتديتها دون أن أشعر...أكملت ارتداء ملابسي وأخذت حقيبتي ومسطرتي الهندسية ودلفت علي السلم مسرعا ذلك انني تاخرت علي سيارة العمل..خرجت الي الشارع ووقفت علي الناصية حيث يقف اتوبيس الشركة...نظرت في ساعتي فاذا عقاربها توشك ان تصل السابعة...انه موعد وصول السيارة...مرت الدقائق بطيئة وتجاوزت السابعة...لم يكن من عادة السائق أن يتأخر كل هذا...نظرت خلفي فاذا بمحل البقالة قد فتح أبوابه...خطر ببالي شيئا افزعني ولكنه الح علي بشدة..ذلك أنني فكرت أن أدخن سيجارة...لم أكن أحب التدخين وكنت أعلم أنه محرم شرعا ولكن لاأدري لماذا الحت علي هذه الفكرة...ذهبت الي البقالة واشتريت علبة سجائر وكبريتا ثم عدت مكاني واذا بالاتوبيس قد وصل...صعدت مسرعا وانا مرتبك..وكادت حقيبتي ان تسقط مني..تلقفتها واكملت صعودي ولكن حظي العثر أن ارتطمت المسطرة الهندسية بزجاج السيارة محدثة فيه شرخا ليس صغيرا...صعدت وسط صيحات الاسف والتعجب والشفقة أيضا وتجمع الزملاء يساعدونني علي الصعود...جلست في مكاني وانا اتنهد من التعب ومن الفزع أيضا...أخرجت علبة السجائر من جيبي وأخرجت منها سيجارة وأخذت في اشعال الكبريت..حاولت مرة والثانية دون جدوي...وفي الثالثة أحدث الكبريت فرقعة وشرارة شديدة وأصاب الشرار عيني...صرخت من الألم وأمسكت بعيني وقد تجمع الزملاء مرة أخري حولي وعلت الصيحات مرة اخري ...لابأس...خير ان شاء الله ..وضعت رأسي بين كفي وأنا أتألم قليلا...ثم مالبثت أن هدأت... قلت في نفسي هل هذا عقاب من الله جل في علاه ..لانني أعرف حرمة التدخين ولم أكترث....وصل أتوبيس الشركة الي مقر عملي نزلت متانيا واعتذرت للسائق عما حدث مني ووعدته ان اتحمل تكلفة الاصلاح ان لزم...توجهت الي مكتبي بعد توقيع حضوري..وكان اول ما قابلني الساعي والذي اخبرني لتوه ان المدير ترك رسالة لي ان اذهب اليه فور مجيئي...قلت في نفسي..اي عقاب هذا...فهذا الرجل يكشر عن انيابه دائما...وهو ثائر بصفه مستمرة...ذهبت اليه لاالوي علي شئ الا انني مفزوع من هذا الإستدعاء المفاجئ...دخلت عليه ....والقيت بتحية الصباح ...قال في صوت خشن اجش...إجلس...جلست ...وفجأة علا صوته بصوت مخيف.....أين ملف آخر عملية...ارتبكت وتلعثمت...فلم أحسن ردا؛ كرر بصوت أعلي ماقاله...قلت له أكيد علي مكتبي...رد علي وقد بدأ ثورته...لا ثم لا ثم لا لم افهم ولكنني توترت وفجأة أصابني الانفعال وقلت في صوت عالي....لماذا هذه الطريقة في الكلام...ألايجدر بك أن تعاملني أفضل من هذا وأخذت أثرثر واشحت بيدي ولكن للأسف فقد اطحت بفنجان قهوته مما أصاب ثيابه ومكتبه بما تبقي فيه من قهوة....اسقط في يدي وكنت اتمني ان تنشق الارض وتبتلعني...انحنيت انظف اثار ماحدث قال لي في صوت أقل حدة اتركه اتركه سيأتي العامل لينظفه....خرجت من مكتبه وسط نداءاته علي ولكن كأني لم أسمعه وتوجهت الي مكتبي .. جلست قليلا ألتقط انفاسي...ثم خطر ببالي أن أعود إلي البيت فقد ارتبكت وتوترت أعصابي تماما...نزلت مسرعا وسط دهشة الساعي الذي كان ينظر إلي متعجبًا....خرجت إلي الشارع وأوقفت سيارة أجرة..قام بتشغيل عداد السيارة ولاأدري ماالذي جعلني اراقبه..وفجأة وجدت انه يزيد بضعف الأجرة في كل مرة يبدأ العد...أوقفته ونظرت إليه ...قال ماالأمر سيدي قلت له إن عدادك غير صحيح....ثار جدل بيننا واجتمع الناس علي صوتنا مع علوه بشكل ملحوظ....حكم الواقفون أن أدفع نصف الأجرة ويذهب الرجل إلي حال سبيله...وضعت يدي في سترتي أجلب محفظتي.....فاذا بها غير موجودة أخذت أبحث عنها دون جدوي في كل جيوبي...وسط تذمر الناس واستنكارهم...بدأت التعليقات المسمومة....هذه أمور نصب...لاداعي لمثل هذه الحركات....... يبدو أنك متعب وغير سوي...أقسمت لهم بالله أنني فعلا فقدت محفظتي ....شعر أحد الواقفين بحرج موقفي فأخرج نقودا من جيبه الخاص وأنهي الموقف...شعرت وكأن كرامتي ذبحت بسكين بارد.....عدت مرة أخري إلي الشركة أبحث عن حل لهذه الأزمة... وصلت وصعدت الي مكتبي واذا بالساعي يستقبلني مهللا : محفظتك يبدو أنها وقعت منك في مكتب المدير وجاءوا بها إليك ولم يجدوك فاحتفظت بها ها هي شعرت بالأسي والأسف وتمنيت أن أجد ذلك الرجل الذي دفع لي الأجرة أخذت نفسا عميقا فلم أستطع...وخطر ببالي أن ابحث عن ذلك الملف سبب ثورة المدير...أغلقت علي نفسي المكتب وأخذت أبحث عنه ولكن دون جدوي نظرت إلي أعلي الدولاب ولكن لفت نظري شيئا مريبا حدقت النظر وإذا بقلبي ينخلع...وقفت أحدق جيدا جلست ثم وقفت وعيني تعلقت بما رأيت وأنا مذهول....برص بحجم لم أره من قبل...دب الرعب في قلبي وسرت قشعريرة في جسدي...وجلست مرة أخري وعيني لم تنزل من علي هذا البرص....ثم تذكرت حديث النبي عليه الصلاة والسلام ان الاجر يكون عاليا بقتل هذا البرص..( قال الحبيب صلى الله عليه وسلم : " من قتل وزغة في أول ضربة فله كذا وكذا حسنة ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة لدون الأولى وإن قتلها في الضربة الثالثة فله كذا وكذا حسنة لدون الثانية وحديث جريرا فيه من قتل وزغا في أول ضربة كتبت له مائة حسنة وفي الثانية دون ذلك وفي الثالثة دون ذلك )رواه مسلم تحمست واعتبرتها معركة بين الحق والباطل...وتستحق التضحية...لابد أن أنتصر علي هذا الخوف....خلعت حذائي ووجهت إليه ضربة قوية لكنه أسرع بالاختفاء خلف الملفات تجرأت وأحضرت كرسيا وصعدت عليه واخذت ازيح الملفات في همة وقوة...فجأة وقع الكرسي وأطاح بي علي الارض...تألمت ولكن أصبح عندي إصرارًا كبيرا علي قتل هذا اللعين...قمت مرة أخري وقد أحضرت مسطرة خشبية قديمة من خلف الباب...أخذت أوجه إليه الضربات الواحدة تلو الاخري حتي سقط علي الأرض....انقضضت عليه بمنتهي القوة حتي سويته بالأرض...جلست علي مكتبي وقد تنهدت تنهيدة كبيرة وأخذت نفسًا عميقًا..وأنا أشعر بزهوة الإنتصار واستحضرت في ذهني تلك الأحداث الماضية وكم آلمتني وارهقتني ثم تبادر الي ذهني تلك الاية...((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى))[طه:124-126]، : هل هذه الآية على كل شخص يغفل عن ذكر الله؟ وقلت في نفسي سبحان من وعد عباده بالاستجابة اذا دعاه العبد ...ندمت ندما شديدا انني غفلت عن هذا في ظل هذه الأحداث..قمت فتوضأت وصليت ركعتين وأخذت أتوجه بالدعاء إلي الله عز وجل أن يرفع عني...ثم أخذت ابتهل في الدعاء وانا عائد الي منزلي...انشرح صدري وانطلقت سعيدا مسرورا
تمت بحمد الله
................
عصام قابيل ِ

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

زوار المدونة

احصاءات المدونة

جميع الحقوق محفوظة

مجلة حـــــروف من نــــــــور

2016