قد أَوقَدَتْ في عُيُوني جُذْوةَ الأَلَمِ
كَمَنْ أَحَلَّ لوأدِ الشِّعرِ والكلِمِ
عَذَرْتُها، وفُؤادِي لَيْسَ يَعْذِرُهُ
تَهْمِي عَلى وَجْنَتيهِ عَبْرةُ النَّدمِ
أغْوَيْتِهِ مِثلَ أُسْدٍ في تَوَحُّشِها
ألفيتُها حُمَمًا تَهْمي عنِ القِمَمِ
لوابِس ٌ من شِفاهِ الغَدرِ آثمةٌ
لا يَنْثرُ الدّفْءَ من يَحْيا على شَبَمِ
كَمْ نَخْلةٍ همَرَتْ أغصانُها رُطَبًا
إلاَّكِ من أَيْبَسَتْ كرْماً بلونِ دمي
أحرَقْتِني في جحيمٍ لا قَرارَ لها
أَجْزَلتِ ما في سَتيرِ اللَّيلِ مِنْ جَهَمِ
كصخرةٍ هزَجتْ بالرَّملِ فَهْوَ قَذًى
كالَّليلِ لَوَّثَ مَجْرى العَيْنِ بالفَحَمِ
من مَعْسَلِ الرّيقِ ذاكَ الشَّهدُ مَوْرِدُهُ
سَقاكِ نَحْلَةَ عِشقٍ منْ رَحِيقِ فَمِي
رَأَيتُها في رِحابِ الشَّوقِ حانِيَةً
تَرجَّلَتْ أَحْرُفِي عَنْ صَهْوَةِ القَلَمِ
فَكيفَ لِلْقلبِ أنْ يَشكُو على وَرَقٍ
والدَّمعُ يَفْضَحُ ما في القَلبِ مِنْ سَقَمِ
هَوَتْ على أُرْجُوانِ الثَّغرِ قُبلتُنا
وعَاقَرتْ ثَنْيةَ الخدَّينِ في ألمِ
ولَمْلَمَتْ دَمْعَها المِدْرَارَ عنْ كَتِفِي
والجَفْنُ مِنْ نَزقِ العَيْنَينِ لمْ ينَمِ
قَدْ كنتُ أضْحَكُ مَصْلوبًا على وجَعٍ
فصِرتُ أَنْحَتُ في عَيْنَيكَ بالقَلَمِ
وَنَكْهةُ العِطْرِ بَثَّتني لواعِجَها
كعاشِقٍ تَاهَ بيْنَ الصَّحْوِ والحُلُمِ
ألفيتُها كرُضَابِ المِسْكِ عاطِرَةً
وهل يُواعِدُ سِحْرَ الخَلْقِ ذو عَدَمِ؟
ناهدة الحلبي