مَطَرٌ على شفة الرّياحْ
مطرٌ... وأضحى البحرُ أمنيةً...
وموجَتُهُ جَناحْ
مطرٌ...
وتولَدُ من عيون الفجر أغنِيَةٌ بلا لغَةٍ...
ولا حَرفٍ يسِحُّ منَ الجِراحْ
مَطَرٌ...
وذابَ الصّمتُ عن شَفَةِ الصّحارى
لِيَشِعَّ من لونِ الصّباحِ صدى الصّباح.
مطرٌ...
وموجات الصّدى قد أسلَمت للفجرِ حكمتَها ليهجُرَها القِناع..
والفجرُ... قنديلُ الأماني الزُّهرِ.. واللّونُ الشِّراع.
كلُّ المواسمِ تستفيقُ إذا استَفاقَ الغيثُ من حِضنِ الضّياع.
يستَقطِرُ الشِّريانُ نَزفَ الجرحِ كي يَفنى على شَفَةِ الملامةِ حَرفُها
ويُعيدُ مَن لاذوا بكَهفِ الصّمتِ للأوقاتِ نبضَتَها؛ لتنعَتِقَ الجِهات
تتقزّم الغيماتُ... تنتَحرُ الفُصولُ..
إذا استَراحَ إلى السّدى حرفٌ تسَربَلَ للحياةِ صدى الحياةْ
***
يا أيّها الآتونَ من كَهفِ السُّدى
هَدَرَ النّزيفُ، وما اكتَسى رَشَدا
لا أفقَ للأحلامِ في هذا المَدى
الحـرفُ يَصنَعُ أفقَـنا أبـَدا
لا تَحكِ لي عن حكمَةٍ لا تُحيِني
من عاشَ نبضَ حروفِهِ خَلَدا
***
قد كنتُ طفلاً عندَما صَدَّقتُ أنَّ الصّمتَ يَحبَلُ بالحِكاية
عهدُ القَرابين اندَثَر...
قامَت على أنقاضِهِ لُغَةٌ...
وصوتُ حُروفِها شَفَةُ البِداية.
أيّانَ؟ كيفَ؟ متى؟ لِما؟...
يحنو الزّمانُ على الزّمانِ.. ولا زمانَ بلا لُغةْ
هل لي سوى صَوتي يُذَكِّرُني بأعماقي ويَغرِسُني بها؟
قد كُنتُ طِفلاً عندَما صَدَّقتُ أنَّي بالغِيابِ أصُدُّ أبوابَ الغيابْ
***
لا سِرَّ في سِرّي أعودُ إليه
سِرّي نَعاني مُذ بَكيتُ عليه
***
مَطَرٌ... وظِلٌّ للسّفر
طَرَفاكَ مكفوفانِ يا ذاكَ النّهار
لَملِم غروبَكَ...
أينَ مِنكَ شُروقُهُ؟
والشّمسُ تمتَصُّ ارتِحالَكَ دونَهُ!
وصدى السّؤالِ يَضِجُّ من عَبَثِ السّؤال
قد كُنتُ طفلاً عندما صَدَّقتُ أنّي قد أفيدُ من المُحالِ سوى المُحال
***
أودَعتُ حقلَ الشّمسِ جهدي
أوليتُ عهد الحبّ عهدي
وارَيتُ خلفَ العُذرِ بَردي
هكذا أصبحتُ ظلاً للعِبَر...
مطَرٌ...
أينساني المَطَر؟
... صالح أحمد (كناعنة) ...