أما كتابه
(الشيخان) فقد مارس فيه ما أتقنه من مذهب (الشك) الذي ورثه من (ديكارت) !
حيث قال في مقدمة الكتاب: "وما أريد أن أفصل الأحداث الكثيرة الكبرى التي
حدثت في أيامهما، فذلك شيء يطول، وهو مفصل أشد التفصيل فيما كتب عنهما
القدماء والمحدثون. وأنا بعد ذلك أشك أعظم الشك فيما روي عن هذه الأحداث،
وأكاد أقطع بأن ما كتب القدماء من تاريخ هذين الإمامين العظيمين، ومن تاريخ
العصر القصير الذي وليا فيه أمور المسلمين، أشبه بالقصص منه بتسجيل الحقائق التي كانت في أيامهما" !! (نقلاً عن : طه حسين في ميزان العلماء، ص 214).
هكذا دون أدلة، ودون رجوع لأهل الشأن من علماء الحديث، إنما تحكيماً لعقله في أحداث الصحابة وما جرى منهم ولهم.
أما كتاب (الفتنة الكبرى) بجزأيه، فقد خاض فيه طه حسين في ما شجر بين
الصحابة –رضوان الله عليهم- دون علم، وهو ما نهى عنه علماء أهل السنة
–رحمهم الله-، وكان له هدف خبيث من هذا الخوض بينه الأستاذ غازي التوبة بعد
أن فنَّد الكتاب بقوله: "إذن ينعي طه في ختام الجزء الأول الخلافة، ويوهِن
من عزائم المسلمين الساعية إلى إعادتها، وينبههم إلى أن المسلمين الأوائل
تنكبوا عن طريقها منذ أمد بعيد واتبعوا طريق الملك الذي يحل مشكلات الدنيا
بالدنيا، فالخلافة تحتاج إلى أولي عزم من الناس، وأين أولو العزم الآن ؟؟!!
وكأن لسان حاله يخاطب مسلمي عصره ويقول لهم: عليكم أيها المسلمون أن تدعوا
التفكير في الخلافة، وأن تبطلوا السعي إليها، وأن ترضوا بحكم الديمقراطية
كما رضي أصحاب النبي بعد عثمان رضي الله عنه بحل مشكلات الدنيا بوسائل
الدنيا ؟؟!!
هذه هي النتيجة التي يصل إليها طه حسين في ختام الجزء الأول، ويا لها من نتيجة مثبطة!!" (الفكر الإسلامي، للتوبة، ص122-123).
ما هي الأسباب التي دفعته إلى الكتابة عن الإسلام؟
يكمن السبب في الوضع الداخلي لمصر، فقد بلغ المد الإسلامي فيها ذُروته
العظمى في نهاية الأربعينيات وأوائل الخمسينيات باغياً إعادة تطبيق الإسلام
في مجال الحكم، وإرجاع الخلافة الإسلامية إلى الوجود. وقد كتب طه –في
اللحظة نفسها أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينيات –كي يُشكك هذا المد بعدم
جدوى محاولته بالاستناد إلى تاريخ المسلمين نفسه" (الفكر الإسلامي، ص
125-126).
..............
عصام قابيل