مجلة حـــــروف من نــــــــور مجلة حـــــروف من نــــــــور

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

رحلة كتاب .....روايات لاتموت / باولو كويلو ..



" الناس لا يتعلمون مما يطلعهم الآخرون عليه
بل عليهم أن يكتشفوه بأنفسهم .. "
.
.
باولو

.
.
.
يقول الناشر عن هذه الرواية .. :
( في هذه الرواية يقودنا باولو كويلو في رحلة للبحث عمّا تعنيه ثقافة تحجب نورها ظلال القلق و الروتين الموهن . . )

فلنرى إذا ما يريد " باولو " قوله في هذه الرواية . .
.
.
بداية لنعرف باختصار قصة " فيرونيكا " . .

هي فتاة سلوفانية قررت وضع حد لحياتها ، و بعد محاولة فاشلة للانتحار تجد نفسها في مستشفى للأمراض العقلية يدعى " فيليت " .
بعد أن تصحو من غيبوبتها يبدأ صراع الموت و الحياة بداخلها ، يخبرها الطبيب أن المتبقي لها من العمر لا يتعدى السبعة أيام ، و ذلك لعطل خلفته كمية الحبوب المنومة على قلبها ..!
سبعة أيام تقضيها في انتظار الموت ، تعيش خلالها تجربة فريدة ، تحيا جميع تناقضاتها و تقرر أن تعطي نفسها الحق بالحياة و الحلم . . !

" فيرونيكا " كما يصفها " باولو " :-
" كانت متصلبة الرأي تجاه الأمور البسيطة في محاولة منها لتثبت لنفسها قوة شخصيتها اللامبالية في حين كانت مجرد امرأة هشة .. "
" هدرت الكثير من قوتها محاولة التصرف طبقا للصورة التي رسمتها عن نفسها . . "
و عن محاولتها الانتحار يقول :-
" عندما بلغت ذروة رغباتها في الحياة خلصت لاستنتاج بأن وجودها فقد معناه ، فالأيام تتوالى واحدها يشبه الآخر ، فقررت وضع حد لحياتها . . "

- عالم مجنون ..!
يفلسف لنا " باولو " الجنون من خلال بعض أقوال أبطال الرواية . .
" الجنون هو العجز عن التعبير عن أفكارك " . .
" كل من يعيش في عالمه الخاص يكون مجنونا كالفصاميين أو المضطربين عقليا أو المهووسين أعني الأشخاص المختلفين عن غيرهم " . .

فالمجنون عند " باولو " ليس بمريض ، بقدر ما هو عاجز عن التعبير عن داخله و أفكاره و كما يقول . . " جميعنا مجانين بطريقة أو أخرى " . . !
فإذا ما عشت ما هو شاذ عن العالم فأنت في نظرهم مجنون ، و حين تساير جنونهم فأنت عاقل . .
و الدليل الذي استهدى به الكاتب هو ، قصة الملك الذي جُنَّ شعبه أثر شربهم من البئر المسحور ، و حين حاول الملك إرجاعهم إلى الصواب اتهموه بالجنون ! . فشرب الملك معهم من نفس البئر ليغدوا مثلهم ، عندها أحبوه و هتفوا له لأنه عاد إلى صوابه ! . .

إذا لكل منّا جنونه الخاص ، الذي يعيه دون غيره ! .
فالإنسان حين يتعمق في داخله يستطيع أن يدرك أبعاده ، و خلق طريقة مناسبة للعيش مع تناقضاته الداخلية .
و تتضح لنا دعوة الكاتب لمصالحة أنفسنا في أحد مشاهد الرواية ، حين تبكي " فرونيكا " أمام الممرضة و تصرخ قائلة . .
" أردت تناول الحبوب لقتل الشخص الذي أكرهه . لم أعي أن في داخلي عدة شخصيات غيري لكنت أحببتهن ! "

- إرادة الحياة . .
تتطور شخصية " فيرونيكا " من خلال الرواية ، فهذه الشابة التي قررت الموت ، قررت الآن الحياة . .!
و يظهر ذلك من خلال بحثها عن أشياء تسعدها ، في حين أنها لم تنسى أنها قريبا ستموت . . !
فهي رفضت استقبال أمها في المستشفى ، لا كرها لها بل لأن كلتاهما ستحزن بعد اللقاء . .
" كان من الأفضل لأمها أن تفكر بها كميتة ، فطالما كرهت فيرونيكا التلفظ بالوداع " . .
و كذلك ها هو حلم الطفولة أن تصبح عازفة بيانو يداعبها من جديد ، قهي تعزق كل ليلة دون توقف و لا يحدها شيء ، تعزف للقمر و النجوم ، للجبال و الليل و لـ" ادوارد " ! ..

" ادوارد " الشاب المصاب بمرض الانفصام ، تقع " فيرونيكا " في حبه ، و هي على وشك الموت ..!
و في أحد أكثر مشاهد الرواية تعرية للرغبة البشرية التي لا يحدها موت أو ألم ، نرى " فيرونيكا " تتحرر من كل قيودها و تدعوا " ادوارد " إليها ، و بدوره لا يفقه معنى الدعوة لتمارس تعريها و شهوتها أمامه ..!
من هنا تنطلق " فيرونيكا " لتكتشف أن رغبتها بالحياة لا تحدها شيء ، و أن العمر الذي انقضى بروتين و تسكع يمكن أن يكون أجمل لو حررت نفسها من قالب " هكذا يجب أن أكون " أو " هكذا هم يروني " . . !

- من المجنون ..!
لا يقيم " باولو " فارقا بين حياة الإنسان العاقل أو المجنون ، فالجنون شكل من أشكال العقل ! ..
و حياة العاقل و المجنون لا تختلف كثيرا ، فعلى لسان أحد شخصيات الرواية و تدعى " ماري " ، يقول .. " الحياة داخل فيليت هي تماما كالحياة خارجها ، ففي الداخل و الخارج يجتمع الناس في مجموعات و يبتون أسرارهم الخاصة ، و لا يسمحون لأي عنصر غريب بأن يعكر صفو عيشهم المتواضع . هم يقومون بالأشياء لتعودهم القيام بها و يدرسون مواد لا طائل منها و يستمتعون بوقتهم ، لأنه يفترض بهم أن يستمتعوا ، و لا هَمّ ما يفعله الآخرون ليتدبروا أمرهم بنفسهم . .
و في أقصى الأحوال ، كانوا يشاهدون الأخبار على التلفزيون ، كما نفعل نحن غالبا ، و لكنهم يؤكدون عيشهم بسعادة في عالم يطفح بالمشاكل و المظالم ..! "

- نهاية التجربة ..!
" فيرونيكا " لم تكن إلا تجربة بالنسبة للدكتور " إيغيل " ، فلو ماتت الفتاة لن يكون بسبب قلبها ، لأنه سليم معافى ..!
الدكتور " إيغيل " أراد الوصول إلى إدراك الحياة و لم يجد طريقا إلى ذلك إلا إدراك الموت ..!
فمن خلال " فيرونيكا " و إدراكها لموتها الوشيك ، استطاعت بتصرفاتها بث الحياة في داخلها و المحيطين بها كذلك ! .
فها هم .. يتخذون قراراتهم لمواجهة الحياة و الخروج من المستشفى ، الجميع قرر أن يحيا ..

- لقد أُنعم عليك بيوم آخر ..!
ما يدعونا إليه " باولو " هو الحياة . .
أن نحيا كما نحن دون أقنعة ، و أن لا نسجن أنفسنا في قالب ، فكل يوم إضافي لنا هو نعمة من الله . .
" كل يوم سنحياه سيكون بمثابة معجزة في نظرها ، و هي الحالة ، في الواقع عندما تفكر في عدد الأمور غير المتوقعة التي يمكن أن تحصل معك في كل ثانية من حياتك الهشة . . "

كمـ أجد الدعوة رائعة هنا ، أن نقبل على الحياة و نستقبلها برحابة ، فكل شيء جديد في حياتنا مدعاة للاكتشاف و الخوض في تفاصيله الدقيقة ..
فالحياة مجموعة من الأشياء الصغيرة كما قال " كلارك " . . فلماذا نحرم أنفسنا من الأشياء الصغيرة لنجعل كل الأمور كبيرة و كأن الحياة معركة لا استمتاع بها إلا من خلال الضيق الذي نفرضه على أنفسنا ..!

.
.

حين قررت الكتابة عن رواية " فيرونيكا تقرر أن تموت " تمنيت الخوض في تفاصيل دقيقة من خلالها نعي أهمية حياتنا و حكمة وجودنا على وجه الأرض كبشر . .
لذلك أقدم لكم الدعوة لقراءة هذه الرواية و الاستمتاع بحرف باولو ، فاختصاري السابق و مهما حاولت أن أطيل فيه لن يجدي نفعا إن لم تستمتع بقراءة التفاصيل الدقيقة في الكتاب . .

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

زوار المدونة

احصاءات المدونة

جميع الحقوق محفوظة

مجلة حـــــروف من نــــــــور

2016