مجلة حـــــروف من نــــــــور مجلة حـــــروف من نــــــــور

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الحب في زمن الحرمان ـــــــــــــــ قصة قصيرة للأديب / محمد شعبان


الدنيا كلها ظلام ، ونجوم السماء تسهر تبكي حالي الذي أُلْتُ إليه في غيابك يا حبيبي ، كل يوم أنتظر عودتكَ مع غروب الشمس فيأتيني ظلٌّ لا أراك فيه ، أوَجدت من تتزين لك أكثر مما أفعل ، وترعاك كما كنت أفعل .. كلَّ ليلة أعزف على أوتار الحنين لعلي أبيت ليلة على حقيقة أنك عدتَ تطفئ الشوق الذي يخالج الروح .. حبيبي وأنت الوحيد الذي أتقن قراءتي حتى لكأنك مرآتي التي أقف أمامها الآن .. ما زالت كلماتك الرقيقة تدغدغ أذني وكأنك تقولها ..
:ـ ما أروع فستانكِ هذا ـ يا حبيبتي ـ ! وما أحسن اختياركِ للألوان !
:ـ شكرا لكَ ـ يا حبيبي ـ هذا هو الفستان الذي أحضرتَه لي قبل رحلتكِ الأخيرة من ( فرنسا ) ، وخرجنا سويًّا به ليلتها .. وقضينا أجمل سهرة في حياتي .. ما كنت أرى رجلًا غيركَ في حياتي رغم تسابق ذكور النحل خلف الملكة لم تعد السهرات بدونك سهرات بل جولات لذكور النحل خلف ملكتهم ، لكن هذه المرة بدونك ..
:ـ حقًّا ملكة .. ملكة في كل شيء .. لديك شيء داخلي هو سرك الذي يجذبني نحوك إضافة لجمالك ورشقاتك .. ما أطيب عطركِ الذي تضعين!
:ـ إنه النوع الذي تحب ، نفس النوع الذي أحضرتَه لي من (لندن) .. هل تذكر ؟ لقد علمتني أن أصبح طائرًا مهاجرًا مأواه روحك التي ترفرف حوالي في كل ثانية .. مهما تأخرتَ أظل محلقةً في سماء العشق خلف طيوفكَ الأبدية ، وذكراكَ الخالدة التي صارت أنسي ومُدامي تسهرني وتسكرني فأبيت ليلي وجسدي في عالمهم ورورحي معك في عالمكَ أنتَ ، أبدًا لم أُسلم الروح لأحد منهم ، ولا القلب لغيرك .. كما قلت لك إنهم ظلال ولا يطالون أن يكونوا حتى مثل ظلك .
:ـ أين سنسهر هذه الليلة يا حبيبتي ؟ .. هل سنخرج أم سنبقى بالبيت ؟
:ـ لا لن نخرج يا حبيبي لقد لبست لك فستانك الذي تحب ووضعت لك عطرك الذي يريح أعصابك ، وتلك .. تلك قصة الشعر التي كنت تصنعها لي بنفسك ألا تذكرها ؟ .. سنبقى الليلة هنا ، سأحاول أن ألتقيك الليلة هنا .. لقد كنت بالأمس مع أمي بحفلة عيد ميلاد .. جلستْ تقول :ـ هذا الوضع لم يعد مناسبًا لكِ ، لا ينبغي لمثلك أن تظل وحدها طول هذه الفترة ، لقد مرَّت فترة طويلة على ما حدث ، وينبغي أن تفكري في الزواج .. ضروريّ .
:ـ وما الذي حدث يا أمي ؟! .. لم يحدث شيء البتة ... إنه لم يغب لحظة عني .. إن الطائرة أخذت جسده فقط ، والبحر لا يغرق الأرواح أبدًا ..
:ـ يا بنيتي أرجوكَ .. كفاكِ ما تفعلين بنفسك وبنا .. لقد أصبحتْ سيرتُكِ على كل لسان .. وأخوكِ لا يتحمل .. نحن نعيش في مجتمع شرقي يرفض مثل هذه الأوضاع ويمقتها ... والسهرات التي تقيمينها كل ليلة ، وأسفاركِ مع غرباء .. كل ذلك ألا يؤثر على سمعتكِ ؟ .. انظري .. انظري لهذا الشاب الذي هناك .. أليس وسيمًا وجميلًا ، ويبدو عليه الغنى أيضا ، وهو معجب بك .. تحدَّث إليَّ بالأمس ويريد الزواج منك سيأتي الآن لتجلسا معا على انفراد .. هل تفهمين ؟.
:ـ ههههههه معجبٌ بي ؟! ، وما الذي يعجبه فيّ ؟!
:ـ جمالكِ بالطبع ..
:ـ وهل الجمال كلُّ شيء ـ يا روح حبيبي ـ ؟! ... كلهم ينظرون لجمالي ... كلهم يتعلقون بجمالي ... كلهم يلهثون كذكور النحل خلف جمالي .. وحدكَ أنت الذي خطب قلبي ، وملك روحي ... وسهراتي أقيمها لهم حتى أرى جمالَكَ ورقتك وإخلاصَكَ في قُبْحهم وغلظتهم وخيانتهم ، وأسفاري معهم لكي أزور الأماكن التي جمعتنا وحدنا ، حيث قضينا شهر العسل ، وحيث احتفلنا بعيد زواجنا الأول ... دعني آخذ رأيك هل يمكن أن تُبنى علاقة زواج على الإعجاب بجمال الجسد والثياب والإغراء بالمال وغير ذلك ؟!
:ـ وماذا اكتشفتِ عندما تحدثتِ معه ـ يا حبيبتي ـ هل أحبَّكِ مثلما أحببتُكِ ؟
:ـ بل قل هل أحببْتُه أنا مثلما أحببتُكَ ؟! ... كيف تحبُّ في زمنِ حُرِمْتَ فيه مِمَّنْ تْحبُّ ؟.. طبعا لم أحبه .. هو مثل الباقين ـ يا حبيبي ـ سيأتي الآن مثل الذين جاءوا هنا رغبة في الجسد .. تجذبه الشهوة .. وتسوقه الخيانة .

..............
محمد محمود شعبان 

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

زوار المدونة

احصاءات المدونة

جميع الحقوق محفوظة

مجلة حـــــروف من نــــــــور

2016