كبرت قليلا ، وأصبحت أتعلق بأبي عند خروجه ، كنت أريد أن ابقى معه ؛ فهو يداعبني ويأتي إلي بالحلوى .
صرت ألتصق به ، وبأمي حينما ينحنون علي سجادة يضعونها ، ويسجدون ، فأخذت أقلدهم ، وكنت حينما أسجد مثلهم ؛ يضحكون وتتعالى صيحاتهم : الله اكبر . إلا أنني كنت أشعر بارتياح شديد عند سجودي .
أصبحت أذهب مع أبي الي مكان جميل وواسع مفروش ؛ وكنت هناك أسجد معه ، وكنت أشعر بسعادة ليس لها مثيل ، وأريد أن أجري وأمرح في هذا المكان الفسيح ، إلا أن أبي كان يمسك بي برفق؛ حتي لا أذهب بعيدا عنه .
بدأت أفهم أشياءً كثيرة ، ويعلمني أبي وتعلمني أمي : هذا طيب وصح ، و هذا خطأ وعيب .
كانوا يطلبون مني أن أنظر إلى السماء ، ويقولون إن الله فوق السماء , لكم تمنيت أن أعلم كيف الله ؟ وكيف شكله ؟ وكنت أسأل ، إلا أنهم كانوا يوجهونني ، ويلفتون نظري إلى أن الله ليس مثله اي شئ ، ولايستطيع أن يتخيل شكله أحد فأصبحت لله رهبة في نفسي شديدة .
ثم أخذوا يعلمونني القراءة ، ويجعلونني أردد كلمات جميلة ؛ كنت أحبها ، علمت بعدها أنها كلام الله - القرآن - وكنت أحفظ بسرعة وتغمرني المكافآت والقبل ويأتوني بالحلوى والهدايا .
...............
عصام قابيل