عَظِّمْ يَدَيْكَ إلى بلادى تحيةً
وافخرْ بمجدٍ عبْرَ كلِ زمانِ
مصرُ العظيمةُ إنْ قرأْتَ كتابَها
تجدِ الجمالَ مُطَرَّزًا بمعانى
هذى المعابدُ بالرسومِ تخلَّدَتْ
هرمٌ يعانقُ للسماءِ مبانى
ولقد بَنَيْنا من القصورِ معالمًا
صرحًا تجلَّى روعةَ العمرانِ
مذ كان جدى بالعطورِ مُحنَّطًا
دُفِنَتْ بقبرٍ حرمةُ الأبدانِ
شادت بلادى للخلودِ مقابرًا
نَسَجَتْ بقَزٍ لفةَ الأكفانِ
كانت شعوبٌ فى العراءِ بجهلِها
تزهو بقشٍ عُشْةَ البنيانِ
كانت شعوبٌ فى الجهالةِ مرتعًا
كتَبَتْ بلادى مرْسمَ الجدرانِ
كانت شعوبٌ للسكوتِ مساكنًا
عزفَتْ بلادى نوتَةَ الألحانِ
ونساؤُها بفضائلٍ قد أثبَتَتْ
أنَّ البناتِ شقائقُ الولدانِ
وسلِ العروبةَ و الحياةَ بأسْرِها
ماذا بمصرَ ونبضِها الإنسانى؟!
مصرُ الحضارةُ والنضارةُ أرضُها
هذا نعيمٌ أَمْ ظلالُ جنانِ؟!
جرَسٌ يرنِّمُ بالسلامِ محبةً
صوتُ المآذنِ بالنِدَا الرنَّانِ
فالحبُ لوَّن للوجوهِ ملامحًا
نحيا بمصرَ سماحةَ الأديانِ
مومياؤُنا عبْرَ السنينِ برونقٍ
ظلَّتْ تُزخرِفُ بالحديثِ لسانى
واسألْ ضيوفًا إذْ أتَتْ يومًا هنا
تجدِ الديارَ تعطَّرَتْ بأمانِ
ها يوسفُ الصديقُ رمزُ دلائلٍ
مصرُ الكريمةُ نجدةُ الظمآنِ
وهى الخزائنُ للبلادِ بحضنِها
دفءٌ يزيحُ برودةَ الوديانِ
عيسى المسيحُ وبالقدومِ تشَرَّفَتْ
أرضُ الكِنانِ إنَّها بلدانى
ها مريمُ العذراءُ طابَ مقامُها
أرضٌ تُرَنِّمُ للكرامِ أغانى
وصحابةٌ من آلِ بيتِ محمدٍ
جاؤوا لمصرَ بعطرِهِ القرآنى
ولكمْ بهيمُ الواصفون لمصرِنا
كالشعرِ هامَ برقةٍ وبيانى
مِصرُ الأبيةُ مَن يمَسُ ترابَها
يجدِ الفناءَ مُهَذِّبَ العدوانِ
نيلٌ تقدَّسَ فى البلاد مسيرُهُ
يروى القلوبَ بعزةٍ وحنانِ
أرضُ الكِنانةِ حَظَّ مَنْ يحيا بها
نبعُ تجدَّدَ عَبْرَ كلِ آوانِ
عَظِّمْ يَدَيْكَ إلى بلادى تحيةً
وافخرْ بمجدٍ عبْرَ كلِ زمانِ
.......
راضي علي الطهطاوي