بدأ عشقها للبحر و شواطئه منذ زمن بعيد خاصة و أنها كانت تتخذ منه الدرع الواقي لها و أنه يلبي كل متطلباتها و كأن هذا البحر و أمواجه قد تحولوا بالنسبة لها إلي مصباح علاء الدين السحري.
عشقها للبحر كان نوعا مختلفا فهي تراه بعيون أخري غير عيون الآخرين فكلما أرادت شيئا من زوجها تثور معلنة له عن أنتحارها و تجري مهرولة نحو البحر و ترمي بنفسها بين أحضان أمواحه فيسرع لإنقاذها و تلبية جميع أوامرها و في يوم ذهبت كعادتها معلنة عن أنتحارها بنفس الطريقة و الزوج جالس علي المقعد ناظرا إلي البحر من نافذة حجرته تعالت الأمواج متضاربة بشكل مخيف و هي تصرخ مستغيثة ظلت تصارع الأمواج و أخيرا نجحت بأعجوبة بعد أن أوشكت علي الموت ألتقطت أنفاسها و أستعادت شجاعتها .
نظرت إلي الزوج الجالس علي مقعده و هي تصرخ معلنة عن غضبها و أنها ستذهب إلي بيت أبيها دون عودة لا بد أن حبه لها قد قل لماذا لم يسارع لإنقاذها كالعادة لا بد أن تعرف سر تصرفه الغريب تجاهها ظلت تثرثر و هو لا يعنيه ما تقول أو ما تفعل أن هذه المرة لم يتحرك من فوق مقعده لأنه قد فارق الحياة وتركها لأمواج بحرها .
.............
سوسن اسماعيل طنطاوي