إستيقظت من نومها _ أعدت كوبا من الشاي الساخن ليوم بارد _ نظرت الي قفص معلق به عصفوران ( نسيم ورعد) أنيسا فراغها ووحدتها _ أشارت لهما بأصابعها مداعبة _ قدمت لهما الحبوب المفضلة لديهما _ يوم شبيه بالأيام الماضية _ يتكرر منذ أن تخرجت من الجامعة _ يوم هادئ _ و ممل _ يشقالصمت هتاف مزلزل نظرت من شرفتها .. جموع بشرية تهتف ( كالرعد )
عيش حرية عدالة إجتماعية تمعنت في الهتاف نعم هو كل ماتتمناه وتأمله
أحست بشئ جديد يدب في أوصالها _ الدماء تجري في عروقها من جديد
تهيأت لمشاركة الجموع .. فتحت باب شقتها .. وقبل أن تطلق العنان لساقيها لمحت القفص المعلق ، جرت اليه .. الأمل الذي تخللها جعلها تمد يدها لتعطي الحرية والأمل لمن حولها ؛ فتحت باب القفص إنطلق العصفوران هرولت مسرعة .. لاتكاد قدماها تلمس درجات السلم ..التحمت بالجمع وفي ظل الهتاف والتطام الأمواج البشرية إذا بوقع أقدام
غليظة تدب في الميدان ، وأصوات الرصاص تملأ الأفق ودون أن تدري ..وجدت نفسها تعدو مسرعة بالشوارع الجانبية ، وقع أقدامها علي الأرض وصوت أنفاسها اللاهثة تكاد تغطي علي صوت الرصاص ، لم تترك شارعا إلا
دخلته هاربة من حلم تحول إلي كابوس مزعج ، وإذا بقدميها تتعثران في جسد يرتكن الي حائط , تسيل الدماء من جبهته _ تملكها الفزع أكثر _ انحنت إليه ، نظرت الي وجهه ، وجدت عليه علامات محفورة في ذاكرتها ..لم تنسها بعد .. مهما دهستها الأيام بحوافرها ..أو غطتهابعض شعيرات تخضبت بالدماء .. إنه ( نسيم ) الحلم المفقود في دروب الفقر المظلمة ..
.. خلعت منديلا كان قد أهداه إليها في آخر لقاء ، ربطت به رأسه ..ثم استندت بجواره علي الحائط تلتقط أنفاسها وتضم حلمها النازف ،تحلم بالقدرة على استكمال الحلم ،نظرت في ضباب الدخان المتراكم حولها ..لتجد عصفوريها يبحثان عن مأوى ..!!!
_________
الكحلاوي المصري