مجلة حـــــروف من نــــــــور مجلة حـــــروف من نــــــــور

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

العشرة جنيه...قصة قصيرة بقلم الأديب / طه سنجر

 ملف:EGP 10 Pounds 2003 (Front).png - ويكيبيديا

 
بينما كان يعبث في أشيائه وكتبه وجد بين صفحات كتاب ورقة مالية فئة " العشرة جنيه " ولما كان من أؤلئك الذين لا يحتفظون بنقودهم بين طيات الكتب ـــ لا لفلسفة خاصة ــــ ولكن لقلة الموجود من الأصل ، اضف إلى ذلك أنه من ذلك النوع المؤمن بالمثل القائل " اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب " ! دُهش كثيرًا وتعجب من أمر العشرة جنية مجهولة النسب هذة ، وأخيرًا قال لنفسه :
- قد يكون ما في الغيب قد أتى في كتاب... لنتوكل على الله ونصرفها ولننظر في كتاب آخر بعد ذلك عساه أن يتحفنا بمائة جنيه كاملة ، وتهلل بشرًا ..وقام لتوه ليصرفها ، وكانت المشكلة ، ماذا يشتري ؟!
- خبزًا؟
- موجود ولايجد من يأكله .!
- شايًا وسكرًا ؟
- الأمس فقط زوجته أحضرت التموين ، لا شايًا وسكرًا فحسب ولكن دقيقًا وأرزًا وزيتًا ... حتى الفلفل الأسود أعطاها - البقال التعاوني - إياه ... ويجعله عامر !
فكر قليلًا وقال لنفسه :
- نعطيها لزوجتنا " تفك " أزمتها الرمضانية " !
تدارك الأمر سريعًا :
- ماهي واخده مصروف الشهر بطوله ، كلها يومان وتاخد المصروف الجديد !
ثم أيه أزمتها الرمضانية دي ؟
دا حتى رمضان خيره كتير، وبقدرة قادر رمضان كريم !
ثم ما أدراني لو أعطيتها العشرة جنيه أسلم من القيل والقال ، فكل مليم في جيبي عرفاه ، وحافضاه ، فمصروف اليد الذي تتركه لي يكفي بالكاد كوب الشاي اليومي ، والمواصلات لا أدفع فيها مليمًا والبركة للمصلحة ،
- أوه ، ... ما لي أنا وهذة العشرة المنكودة التي أتت في غير زمانها لتعكر عليُّ صفو ليلتي !
وغُلب حماره ، أخيرًا قال :
- تاهت ولقيناها ، نشتري علبة سجائر ، مرة نشتريها كاملة من نفسنا ! وارتاح لهذا الخاطر ، على أطراف أصابعه حتى لا تشعر به زوجته وضيوفها المدعوون لحفل الكعك السنوي ، خرج ليشتري علبة سجائر ! وعاد إلى مكتبه حذرًا كما خرج ، على مكتبه المتهالك قعد وأخرج " مقصًا " وشرع في فتح العلبة ، حرص أن تكون الفتحة مثلثة ، ولا يدري ما الحكمة في أن تكون مثلثة إلا أنه رأى علبة سجائر رئيسه في المصلحة هكذا ، وبسبابته دق على منتصف العلبة كما يفعل رئيسه تمامًا ، سبحان الله ، خرجت سيجارة وحيدة فقط من الفتحه المثلثة لتلتقمها شفتاه! وضع ساقًا على أخرى ، أشعل عود الكبريت ، وشرع في الطقوس الدخانية ! وبدأ في معالجة سعال النفس الأول فلم يكن إلى هذه اللحظة "كييفًا تمامًا" وبدأ السيجارة الثانية ، والثالثة ، وتنبه على دهشته حينما رأى الدخان يخرج من فتحتي أنفه ، تماما كما يخرج دخان سيجارة رئيسه من فتحتي الأنف ، استمرأ اللعبة ، بدأ الرأس يدور وتميد الأرض تحت كرسيه ، كاد يصرخ إلا اِنه تمالك نفسه حينما سمع صوت زوجته تناديه من غرفتها :
- عبد الموجود ... قوم هات السحور !
- دلوقتي يا وليه ما جبتيش ليه م الصبح ؟!
- ما انت شايفني محتاسة وغرقانة في عمل الكعك ، يعني قُلت بايدك !
- ومين قال لك اعملي كعك ؟!
- طب قوم ... معلهش ، اخزي الشيطان وخلّي الليلة تعدي على خير !!
- هات الفلوس !
- سيبالك عشرة جنيه في كتاب على المكتب ، هات فول وخليه يتوصى ، الناس اتسعرت ، طبق فول بخمسة جنيه ما يوكلش عيل لسه مفطوم !
- عبد الموجود ، ما لك سايبني آهاتي لوحدي زي الساقية الخربانة!
- ما تقوم يا راجل ... ياختي !
وطالت فترة الصمت ، فقد كان الرجل الجالس إلى مكتبه منكفئًا على وجهه بلا حراك ، ويداه مازالتا قابضتين على كتابه القديم ...!
.....
 طه سنجر

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

زوار المدونة

احصاءات المدونة

جميع الحقوق محفوظة

مجلة حـــــروف من نــــــــور

2016