اختاروا له الدور الذي يقوم به على مسرح الحياة، مارسه بدقة وإتقان، ذكرياته شبيهة بهذه الزنزانة التي يجلس فيها، ظلام دامس لا توجد بها بارقة أمل ليكحل بها عين الندم، ذنبه الوحيد أنه البكْر، استقى من بئر الحرمان بدِلاء، لا تقطف الثمرة، ولا تقترب إلى الحلوى، فليظل بطنك خاويًا، لملم ما تبقى تسد به رمقك، نحت في الصخر حتى جمع القليل من النقود، صاحبة الصداق راضية بصداقها عاجله ومؤجله، لأول مرة يدخل البيت آمنًا، شعر أن له مضجعًا وثيرًا، زوجة رفَّت عليه السعادة، فنام مغمض العينين، مرت الشهور التسعة، دقت طبول الأسبوع، الاحتفال قائم حمله بين يديه ثم دعا: «بارك الله لي فيك وجعلك برًّا تقيًّا». الأهل جلبوا من الليل سواده فطمس على حياته الجديدة، قاوم هذا الإعصار الذي اجتاح بيته حتى هدأت الرياح، ومرت الليلة بسلام، كما مرت بعدها السنوات، يقف بصدره في وجه سهام الغيرة والحقد بالحيطة بسهام الليل التي لا تخطئ، طأطأ الرأس، ساير الظروف المحيطة، في عين زوجته سؤال يقرؤه، هي تبحث عن إجابة له، نظر إلى صغيره ثم همس لها ليس ضعفًا. أتاه خبر وفاة والده، رفعت حجة الملكية في وجهه، فرفع السلاح في وجه أخيه.
............
خالد بدوي