الموهوبون
والموهومون فى الفضاء الإليكترونى
*******
حين تتأمل
طوفان "الإبداعات" الذى يجتاح صفحات التواصل الاجتماعى توقن أنك أمام ظاهرة
يتعانق فيها تياران متناقضان: تيار الموهبة الحقيقية والمبدعين الموهوبين، وتيار الوهم
البين و الواهمين الموهومين.
وكما
أن عليك أن تفتح آلاف الأصداف حتى تصل إلى اللؤلؤة الساكنة فى قلب الصدفة، أصبح عليك
أن تستعرض مئات المشاركات حتى تظفر بعمل إبداعى حقيقى، وآلاف المشاركات حتى تفوز بعمل
إبداعى مدهش.
الخطورة
الحقيقية ليست فى الجهد الذى عليك أن تبذله وصولاً إلى الإبداع، ولكن فى الحرج الذى
عليك أن تتكبده وأنت تبحث عن مبرر مقنع غير جارح لأولئك الذين يسألونك : لماذا لم تعلق
على (قصيدتى) الأخيرة، أو لماذا لم تعقب على (قصتى) الحديثة؟
ثم هناك
الخطورة الأشد التى تتمثل فى سيل التعليقات المرحبة بهذا العمل (الرائع)، والإبهام
الذى يرتفع بآيات الإعجاب بأعداد لا تستطيع تصورها، ولولا أن الصفحة كفتك مؤونة عد
هذه الآيات المعجبة المهنئة لما استطعت أنت لها حصرا!!
هل تستطيع
بعد هذه الأعداد المذهلة من المعجبين والمهنئين والمرحبين والمحتفين أن (تتبجح) أنت
وتعلن أن هذا العمل (الرائع) لا يرقى إلى أدنى مستويات الإبداع الحقيقى؟! أو أن (تتطاول)
فتطلب من هذا (المبدع الكبير) أن يعود إلى مقاعد القراء بدلاً من القفز على مقاعد المبدعين،
أو حتى أن تطالبه بأن يستكمل أدوات اللون الأدبى الذى يدعيه حتى يكتبه؟!
ثم ما
الذى ينقص عمله ليكون عملاً إبداعياً حقيقياً؟! هل تتجرأ بأن تصفه هكذا لمجرد أن عمله
يحتوى على عشرة أخطاء لغوية أو نحوية أو إملائية فى كل سطر مثلاً؟ ومتى كان الإبداع
وقفاً على من يجيدون اللغة والنحو والإملاء؟! هل تقصد أنه لا يعرف شيئاً عن الصورة
الأدبية أو الموسيقى الشعرية أو الإيقاع القصصى أو ....أو......؟ (ياااااااااااااااه)
يبدو أنك كاتب رجعى مازال يتمسك بما تجاوزته المدارس الأدبية الجديدة والمذاهب الأدبية
الحديثة!! هل تقصد أن ما كتبه مجرد تكرار سقيم هزيل لمعان وكلمات وعبارات وأفكار مستهلكة
طالما لاكتها الأفواه والأٌقلام؟ واضح إذن أنك من هؤلاء المتحذلقين الذين لا يدركون
أن المعانى تتوارد والأفكار تتداخل والخواطر تتشابه وأنه لا أحد يعيد اختراع اللغة
أو يكتب فى الفراغ!!!
السؤال
المهم الآن : هل هؤلاء واهمون يوهمون أنفسهم بأنهم موهوبون؟ أم هم موهومون يوهمهم معجبوهم
بذلك؟ أم أنهم عارفون بقيمة ما يكتبون ويحاولون أن يوهمونا نحن بما يريدون؟
والسؤال
الأهم: ألا يمكن أن نكون نحن أيضاً واهمين
أو موهومين أو موهمين؟
..............................................
الشاعر
الأستاذ
السيد
حسن
المقال
الجديد "إيقاع مختلف"
على صفحات جريدة "المشهد" مع تحياتى للصديق النبيل مجدى
شندى
مقال رائع يستحق القراءة اكثر من مرة لأنه يعبر عن صدق الحقيقة وعن الحقيقة التى نلمسها بصدق
ردحذف