منذُ ميلادي
يسكن في أعماقي سؤال
ما معنى قول الحريةْ ؟
ولماذا نتألمُ ظلماً
من قرعِ سياطِ الجبريةْ ؟
أذكرُ أني وقتَ صبايْ
حين ذهبتُ إلى المدرسةِ
لكي أتعلّمْ
كان الدرسُ الأولُ ألفاً
كنتُ أراه جواداً يعدو
في تكراري
ألــفٌ ألـفٌ
غصناً يحملُ كل هموم الكونِ
بتلك الهمزةْ
ملكاً يلبسُ تاجاً وقت الفتحِ
وعند الكسرِ يضيعُ التاجُ
ليصبحَ نعلاً !!
مر الوقتُ وكُسِرَ الغصنْ
من كثرَة ما يحملُ فوقهُ مِن أحزانْ
مر الوقتُ وضاع التاجُ
وضاعتْ أحلامٌ وردية ...
أتذكرُ قولاً يأتيني
من أستاذي :
انهضْ .. كوّّّن لي جُملاً اسمية
أنطقُ – ألماً - :
ما معنى قول الحريةْ ؟
هل يعني ذاك التمثالْ
مَن تحملُ سفراً في يدها
والأخرى تحملُ نيراناً
كي تحرقَ أحرف بنياني
وتقولَ كفاك الرجعيةْ !!
فحروفُ العربيةِ ماتت
وانتصرت دعوى العصريةْ !!
يترددُ بالعقل جوابي
يتزلزلُ بالقولِ كياني
تنفجرُ حروفي بلساني
كي تصرخَ في وجه الأفعىْ
ألفٌ .. ألفٌ
أعلم أن الذلَ نقيضُ العزةِ
والحريةْ
والخيلُ العربيةِ تأبى
أن يرقى يوماً صهوتها
مَن يجنحُ نحو العبريةْ
من يبغى شُرباً لدمانا
في كأس جماجمِ قتلانا
في حفلِ زفافِ الوحشيةْ
أتذكرُ قولاً يأتيني !
بعد البسملةِ انطق خَلفي
(( ألفْ .. لامْ .. ميمْ ))
يشردُ ذهني بضعَ ثوانٍ
إن جُمِعَتْ فستصبحُ ألماً
أَصمتْ ...
يعلو صوتُ الشيخِ لكي ينهرَني
اقرأ
أنطقُ في خوفٍ ورجاءٍ
ألفْ .. لا ..
أَكملْ ... أَكملُ
(( ألفْ .. لامْ .. ميمْ ))
يفرحُ شيخي
يربتُ فوق الكتف الغض
ينطق صوت ملاكِ الأرضْ :
اقرأ وافهم ما تتلوه
لا تهملْ للحرفِ حقوقاْ
والدرسُ القادمُ يا ولدي
سيكونُ بدايةُ ترتيلي
(( جاء الحقُ وزهق الباطلْ
إن الباطلَ كان زهوقا ))
.........
جابر الزهيري