وقفت أمام المرآة تتفحص نفسها باهتمام (اليوم سأصارحه) ، لم تشعر بالطريق وهي تتخيل أين ستقف وكيف ستبدأ الكلام ، دخلت المكتب وتبادلت التحية مع زملائها ، جلست في مكانها وتطلعت لمكانه الفارغ ، شعرت بارتياح للحظة ثم عاد الحماس يملؤها (سأصارحه) ، تظاهرت بالإنشغال اخذت تقلب الأوراق لتخفي قلقها ، تنظر للساعة وتتساءل (لماذا تأخر؟؟؟) ربما لن يأتي، تفيقها ضحكات الزملاء فتتظاهر بالضحك دون أن تدري السبب، يستحوذ عليها إحساسها بالقلق لتأخره ،يضيق صدرها بفراغ مكتبه فتنهض في حركة مفاجئة تلفت لها الأنظار فترتجف وقد شعرت بالعيون تراقب الشوق الهائج في صدرها ، رفعت ذراعيها تحتضن نفسها لتخبئ لهفتها وانفعالها ، تتحرك عن مكتبها، تتحجج بإحضار البريد وتغادر المكتب ، مع أول خطواتها رأته هناك قادمًا ، تجمدت للحظة ، وبدأت التحرك بإرادة مسلوبة تجاهه ، تطفو خطواتها فوق الأرض وهي تسير كشخصية في أحد المشاهد السينمائية البطيئة ، تتلاشى الأصوات من حولها ولم تعد تسمع سوى صوت نبضاتها المتسارعة ، تسبقه رائحة عطرة ، تستنشقها وكأنه آخر أنفاسها وتحبسها في صدرها ، تتوقف عن التنفس بالفعل وهو على بعد خطوتين منها ، تتباطأ نبضاتها ،
يتلاشى الكون من حولها ، تغوص قدماها في الأرض وهو على بعد خطوة ، تكاد تشعر بحرارة جسده تلفحها ، تظلم الدنيا كلما طرف بعينيه ، تتمنى ألا يغلقهما ابدا فلا سكن لها في غير هما ، تفقد الإحساس بأوصالها وكتفه يكاد يلامسها ، ينظر لها مبتسما ويحييها بابتسامة رائعة ، تتابع حركة شفتيه باشتهاء وهو ينطق اسمها ......... يضيع منها الكلام وهو يتجاوزها ، تلتقط أنفاسها بصعوبة ، وتعود للحياة .
.......
إيناس سيد