في الطريق إلى المدرسة الإعداية, تعود جماعة من التلاميذ الحديث عن المآثر .وكيف يكونوا محل فخر في المجتمع
قال الصبى الأول : ما اروع إنقاذ طفل من الحريق !
وتخيل الثاني: أروع منه اصطياد أكبر أسد . . على الفور يعرفه الناس جميعًا .
وقال الثالث: أروع من هذا كله أول من يطير إلى القمر , فإن العالم كله سيعرف صاحبه !
وقال آخر : الرائع فعلا هو أكون ضابطاً بالجيش والجميع يقومون بتحيتي
لكن ( خيري) لم يكن يفكر في شيء من هذا . فقد كان فتى هادئًا , صامتًا . ومثل باقي زملائه , كان يفضل الذهاب إلى المدرسة من طريق قصير عبر ترعة صغيرة عند شاطئ شديد الانحدار . وكان عبوره وثبًا من أصعب الأمور .
في العام الماضى , لم يتمكن تلميذ صغير من القفز فسقط في الماء , وما زال يرقد في المستشفى . وفي هذا الشتاء , عبرته فتاتان في المطر الشديد فعثرت أقدامهما عليه بعد أن انزلقت . وهكذا تعالت الصرخات منه . وحرمت جماعات التلاميذ الصغار من استخدام هذا الطريق القصير . وكم يكون المسير مرهقًا وطويلًا , إذا ماالتفوا حول الترعة
وأخذ خيري يفكر . . ويهتدى أخيرًا إلى ضرورة قطع صفصافه قديمة من هذا الشاطئ ليسقطها على الشاطئ الآخر . ولم يدخر وقت ولا جهد , وكانت لديه " بلطة " جيدة , مشحوذة من عهد جده , فراح يقطع في الصفصافة وقد اتضح له بعد قليل أن هذا عمل غير سهل . فقد كانت الصفصافة غليظة جدًا , لا يمكن لإنسان واحد أن يضمها بذراعيه الاثنتين . لكنها بعد يومين من العمل المتواصل سقطت . . راقدة عبر الترعة الصغيرة
ثم كان على خيري أن يشذب فروع الصفصافة التي تعوق المسير ,وتشتبك تحت قدميه . لكنه إكتشف- بعد أن قطع الفروع - أن السير أصعب , لأنه لم يكن هناك شيء يمكن الإستناد إليه وخاصة عندما يسقط المطر وتنزلق الأقدام . . وقرر خيري أن يركب سورًا من أعواد الخشب . مستعينا بالحبال والمسامير
وهكذا ظهر كوبري جديد . ورغم بساطته لم يكن التلاميذ فقط هم الذين يستخدمونه وإنما كل سكان المنطقة عندما يعبرون من قرية إلى قرية أخرى , بواسطة طريق قصير . حتى أن أولئك الذين كانوا يستخدمون الطريق غير المباشر , كان يقال لهم:
- هل تريدون أن تقطعوا مسافة طويلة ؟ ولماذا ؟ ! اذهبوا مباشرة عن طريق كوبري خيري .
وعندما تآكلت الصفصافة , وأصبح المسير عليها محفوفا بالمخاطر إستبدل بها أهالي القرى المجاورة جذع شجرة أخرى جيدة . . لكن بقي الاسم الأسبق للكوبري , وهو: كوبري خيري .
ثم لم يلبث هذا الكوبري أن تغير , وأصبح طريقًا معبدًا , وعبر الترعة الصغيرة , امتد الطريق , في نفس مكان ذلك الممر الصغير , حيث شيدت الحكومة جسرًا مناسباً , ارتفعت على جانبيه قوائم من حديد الزهر . وكان من الممكن أن يطلق على هذا الجسر الضخم اسم كبير . لكن أحدًا لم يفكر على الإطلاق في أن يطلق عليه أي اسم آخر سوى: كوبري خيري !
..............
عصام قابيل