هـبَّـتْ نـسـائمُ شــوق مــن مـغانينا
وغــــرَّدَ الـطـيـر لـحـنـاً مـــن روابـيـنـا
وجـاشتْ الـنفسُ بـالذكرى يـهيم بـها
شـجـى الأحـبَّـة يـشـدو فـيه حـادينا
أيــــام كــنَّــا نــــرودُ الـــدارُ نـمـلـؤها
حــبَّـاً ومـــن مـائـهـا الـرقـراقِ تـرويـنا
وحــيــن نــمـرحُ لا خــوفـاً ولا حــرجـاً
ونــنـثـرُ الــزهــرَ فـــي دنــيـا أمـانـيـنا
أيــــام كــنَّــا نــمـيـطُ الــهــمَّ نـبـعـدُه
ونـسرقُ الـضحكَ مـن أحضان ماضينا
ونــزرع الـحـبَّ فـي كـلِّ الـدروب مـعا
نـغـفو فـويـقَ الـرُّبـا نـنـسى مـآسـينا
أوَّاه مــــن ذكــريــاتٍ لـيـتـها رجــعـتْ
واسـتوطنتْ في حنايا القلب تشجينا
لـكـنـهـا أصــبـحـتْ عــمـداً تـحـاصـرُنا
حـيـنـاً ونــغـرق فـــي آهـاتـهـا حـيـنـا
كــــان الــجـمـالُ يـحـاكـيـها بـطـلَّـتـهِ
ويــنــثـرُ الـــزهــرَ فــيـهـا والـريـاحـيـنا
ويـبعتُ الـعطرَ في كلِّ السهوبِ وفي
وديــانــهـا كــلــمـا راحـــــتْ تـنـاديـنـا
أخـنى عـلى حـسنِها بـشارُ فـاندثرتْ
وأصــبــحـتْ بـيـنـنـا ثــكـلـى تـعـزِّيـنـا
وأصـبـح الـمـوتُ فــي أركـانها شـبحاً
أضــحــى يــطـاردُنـا لـلـقـبـرِ يـدنـيـنـا
فـأيـن مـنـها سـهـولٌ كـالـرياضِ بـدتْ
وأيــــن مــنـهـا ربــــاً بــاتــتْ تـحـيّـينا
نـــأت بــنـا الــدارُ لـمَّـا انـهـدَّ كـاهـلُها
مــمَّــا عــراهــا وكــانــتْ لا تُـجـافـينا
بـتـنا بـعـيدين عـنـها حـيـنما عـزفـتْ
لــحـنَ الـــوداعِ وكـــم كــانـت تـغـنِّينا
وكـــم أبـاحـتْ لـنـا أســرارَ ضـحـكتها
وكـــم أهــاجـتْ لــنـا ذكــرى تـلاقـينا
فـكـيف ضـاعـتْ أمــانٍ كــان مـولدُها
مـــع الـصـبـاح فـمـاتـتْ بــيـن أيـديـنا
وكـيـفَ حـلَّـتْ لـظـىً فـي كـل زاويـةٍ
مـنـها فـراحـتْ تُـذيبُ الـصَّخرَ والـطِّينا
يــا لـهـفَ نـفـسي مــن هـمٍّ تُـكابدُهُ
إذ صــار بـشـارُ كــأسَ الـقهرِ يـسقينا
ويـسـلبُ الـعـطرَ مــن زهـرِ الـرُّبا بـيدٍ
قــــد لُـطِّـخـت بــدمـاءٍ مـــن مـآقـيـنا
وقــلـبـه خــــزَّن الأحــقــادَ مــخـتـزلاً
أســطــورةَ الــحــزنِ والآلامِ تـخـزيـنـا
يــغـتـالُ آمـالَـنـا .. يـسـبـي حـرائـرَنـا
يـصـطـادُ أحـلامَـنـا ..بـالـنـار يـصـلـينا
يــا ربَّ كــن خـيـرَ عــونٍ لـلعبادِ فـقد
أدمـــى الــفـؤادَ بـــلا ريـــبٍ تـأسِّـينا
صـــارت مـسـامـرةُ الأحـبـابِ مـعـجزةً
ضــاقَ الـخـناقُ وصــارَ الـقـيدُ يـؤذيـنا
يــا مــنْ إلـيـك مـآلُ الـخلقِ أجـمعِهم
وتــنــبــتُ الأرضَ نـــــوَّاراً ونــسـريـنـا
ومـن نـأيتَ بـموسى واصـطفيتَ لـه
عــصــاً تـــدكُّ الأفــاعـي والـفَـراعـينا
ومــن هـزمتَ قـوى الأحـزاب صـاغرةً
لـنُـصـرةِ الــحّـقِ فـاحـفظ ديـنـنا فـيـنا
أرسـلْ جـنودَكَ ضـرباً بـاليمين عـلى
أعـــوانِ بـشـارواخز الــروسَ والـصـينا
واخزِ الذين طغتْ في الأرض شيعتُهم
إيـــــرانَ لــــم تــرتـقـب إلاً ولا ديــنــا
فــقـد أحـلُّـوا دمـانـا فــي عـقـيدتِهم
ثـــم اسـتـباحوا الـثـكالى والـمـصلينا
يــا ربَّ انــزلْ عـلـيهم حـاصـباً غـضَـباً
وزلـــــزلِ الأرضَ فــيــهـم والـبـراكـيـنا
وخلص الناس من طاغي الشآم ومن
عـصـابة الـغـدر واحــم الـعـرض آمـينا
......................
شــــعــــر ابـــراهـــيــم الأحــــمــــد