عَوّذْتُ شِعْري بالثّلاثِ وَما تَلا
وَحْي السَّماءِ بِخَلْوةٍ قَدْ كانَ فيها المُصْطَفي
وَأشُدّ حَوْلي كُلَّما سُرِجَتْ بِخَيْلي بُرْدَة
تُهْدي إلَيَّ مَليحَةً دَفَقَتْ بِألوانِ اللَيَاحِ بِغُدْوَةٍ
وَأَقولُ قوْلي كُلَّما قَطَرَتْ عَلَيَّ سَماوَتي
وَتَكَشَّفَتْ حُجُب الرُّؤى ....
قَوْلٌ يَقولُ نُبُوءَةً نُقِشَتْ عَلي كَفّ الْهَوي
وَفِراسَتي نِبْلٌ سَديدٌ صائِبٌ
وَبَصيرَةٌ مَرْفوعَة عَنْها الغِشَا..
فإليْكَ بَعْض القَوْلِ مِمّا قد هَمَا..
بِسَريرَةٍ قبْل السُّري ....
نُبِّئتُ أَنَّ الشرّ يَفْتِلُ طَيْسَلا...
وَيُريدُ سُوءًا في الطَهورِ مُسافِحًا
ويُقيمُ زَوْرًا فِي الرَّقيعِ مَعارجًا ....
فَتَلَبَّدَتْ سَوْءَاتُهُمْ في الرِّجْسِ مُوْغِلَةً بهم
والشّر مَعْقودا بناصية ومُحْتَكِمًا بِها
وتَشَذّرَتْ بِالْإِفْكِ مِنْهُمْ عُصْبَةٌ
في جيدِها حَبْلٌ بإثمٍ قدْ جَثَا
فإذا دَنــــوا قالوا عَلَــوْنا في المَلا
فَتَهاتَــــــنَ التَّهْتَانُ صَيْبًا نافِعًا...
بأسٌ أشدُّ مِنَ الخُطـــــــــوبِ وَقيعُه...
فَتَفَرَّقوا زُمُرًا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ صَرَدٌ بِها
يُنْعي بِها قَبْلَ الغُروبِ غُرابها ...
فَتَعَوَّذوا بالنّـــــورِ مِـــــــنْ سَدَفاتِه ...
نُبِّئتُ أنَّ الطهر يَخْصِفُ لَيْلَكًا..
وَيَزيدُ وتْرًا في السُّجـــود مُكَمّلًا..
ويَهُزّ شَوْكًا في الذُعافِ مُغَمَّسًا...
يَسْعي كَأفْعي في اليَباب مُباغِتًا
في خَيْطِ حَلْكٍ يَحْتَمي في ثُلْمَةٍ
ولَقَدْ رَأَيت اللاَّتَ وَالْعُزَّى وقَدْ عادَتْ بِهم
بِجَهالَةٍ وعِبَادَة وَثَنِيَّة كانَتْ سُدى
وَمَناةَ ثالِثَــــــة تَلَـــــــتْ...
فَزّاعَةٌ بِقُشوشِها طيرٌ غَفَتْ...
فَتَنزّلَ الطُوفَان حَدّا مانِعًا والْخيْر يَعْقِبُ طلَّه
بِصَريمَةٍ و غَضَاضَة ٍكانَتْ دُجى..
وَلَه بِنَصرٍ والضَّلال صَعِيده جُرُزًا..
يُواري سَوْءَةً كُشِفَتْ لَنا...
فَبَدا وَعيد اللّيْلِ في الثّلْث ِالأخيرِ مُداهِنًا
يَرْعي الْخَطايا فــــي عَفيرِ رَذيلَةٍ
فَتَعَمّدَتْ بِالنّور فَتْلَ ذُبالَةٍ شَرْقيَّة..
فكَأَنَّهَا مَرْبوعَةٌ ذَهَبًا بِزَيْتٍ قَدْ سَنا
فَدَنتْ كأمثالِ اليَقينِ بَصيرةً.....
لا رَوْعَ يَفْتِنَهُمْ وَيَجْمَعَهُمْ تُقى .....
فتخيَّروا وَتَيمّموا صُعُدا طَهورا دَرْبها
ورَأَيْتُ أنّ السَّامِرِيّ يَسوقُ عِجْلًا لا خُوَارَ لَه
يُناطِحُ صَلْدَةً بَهْماءَ فوق أُجَاجَةٍ لا حَــوْلَ بِها
وَدَنَتْ حِراب في النَّقيع نِصالها
يَوْمًـــــا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا حالِكًا
وَالْحرْبُ تَقْرَعُ في القُطوبِ سَعيرها
فَهَما الرَّمادُ عَلــــى الْعِبادِ جَحافِلا
والجُبُّ مَحْلٌ قَعْرها ....
وَشُطونُها شَوْكًا يَبوسًا مُجْدِبًا.....(1)
والخَيْلُ قَدْ عادَتْ مُسَوّمَة بِمَدٍ من سَنا
وَتَصيرُ أعْجازُ النَخِيلِ حَواسِراً
ذَرَّتْ عَلَيْها الرّامِساتُ قَتَامَةً ...
فَتَزَوّدوا بالصّبْرِ عِنْد شَديدَةٍ...
مِنْ بَعْدِها ظَفَرٌ يَحِلّ بِأرْضِكُمْ ...
وَبَراءَةٌ مِنْ خَلّةٍ بَغْضاءَ مُهلِكَةٍ عَفَتْ
يا رَبُّ صَفْحُكَ إنْ زَلَلْتُ بِزَلّةٍ ....
والعَفْو عَفْوكَ والشفيع المصطفى
****************
شِعــــر: دينا الطويل .