عادت من المستشفى منهكة القوى بعد أتعاب المخاض القاتلة تحمل بين أحضانها مولودا ذكرا، و حالما تجاوزت عتبة الباب اعترضتها أم زوجها مع النسوة يهللن ويهنئنها بسلامتها، تعالت الزغاريد من كل جانب في البيت وتصاعد دخان البخور نحو عنان السماء، زفت كما العروس تزف إلى دار زوجها، أدخلوها إلى غرفة مفروشة بالحرير، قدموا لها طعاما لذيذا وشرابا كان مزاجه كافورا، نظرت إلى الطفل بين يديها، بقيت مشدوهة، لماذا كل هذه الأفراح ألانها أنجبت ولدا؟
سرعان ما عادت بها ذكرى عودتها من المستشفى بمولودتها الأولى و هي تحملها بين أحضانها وتدخل المنزل إنها لا تزال تذكر انكماش الوجوه التي طلتها غشاوة السواد عندما علموا بأن ما أنجبته أنثى، وتذكرت قوله تعالى ” وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم”..