ُتسرع سرسوعة كلبةُ عبد الهادي الكلاف لتعيد عصا يلقيها ولدٌ صغيرٌ، يكرر الصغير إلقاء العصا وتحضرها سرسعوة فرحة تهز زيلها وتتمسح في قدمه، وديعةٌ، الغدر ليس من شيمتها، عظامها ظاهرة ككل أهل القرية، صوت نباحها خافت، تشاركها القطط والفئران طعامها.
عبد الهادي الكلاف، غلبان، مسالم ككلبته، يخدم تحت بهائم العمدة، تسبقه رائحة روث البهائم، يري ويسمع ولا يتكلم عن ما يراه في دوار العمدة وبيته، جائزته بواقي مائدة العمدة ، أسعد لحظاته عندما تتقافز سرسوعة حوله لتأخذ نصيبها من خير العمدة.
اليوم موعد أخذ حقنة الطرطير المقيئ، وقف ضمن طابور طويل أمام تومرجي النقطة الصحية، يمسك بحقنة زجاجية كبيرة مملؤة بالدواء، الكل مشمر كُم جلبابه، يغرز التومرجي الحقنة، يخرجها ويغرزها في يد غيره.
غالبًا ما يصاب عبدالهادي بالقىء، فيجلس علي الأرض ساعة ليستريح، دخل عبد الهادي حجرة الطبيب، بشكو له أن الدم لم ينقطع من بوله، لاحظ الطبيب اصفرار عين عبد الهادي، تيقن من أصابته بالتهاب الكبد الوبائي.
قال العمدة لعبد الهادي:
- مالك كده ضعفان وتعبان.
- الدكتور يا حضرة العمدة قالي أني محتاج للراحة شهر علي الأقل.
- أمشي أنجر شوف شغلك.
يسحب عبد الهادي بهائم العمدة، لمح بهية خادمة العمدة اكتملت أنوثتها واصبحت تلفت الأنظار إليها ، لم ينفذ العمدة وعده بتزويجها لعبد الهادي.في الترعة أنزل جاموسة، نهرته أحدي سيدات البلد، طالبته بالابتعاد بالجاموسة، فهي وستات البلد يغسلون الأواني ويملئون بلاصيصهم من هذه المنطقة.
عاصفةٌ من العفار تعم المكان وصودتٌ زمجرةٌ يعقبها نباحٌ شديدٌ يصم الأذان، سارع الأهالي بالتنحي، جبار كلب العمدة الضخم يعدو مسرعًا ، يعتقد الجميع أنه هجين بين الذئب والكلب.
ارتعدت سرسوعة وتكومت على نفسها، كلب العمدة لا يحبها، ونالها منه الكثيرٌ من الأذى.
تجاوز جبار سرسوعة، هجم علي الولد، من شدة خوفه تيبس جسده لم يستطع الحراك، تعالي صراخه من آثار العض في يده وقدمه.
جالت سرسوعة بنظرها بين الواقفين يشاهدون ما يحدث، نبحت لم يجرؤ أحد علي التقدم لإنقاذ الصغير.
غضبت، هبت واقفةً لتحيل بين كلب العمدة والولد، رفعت ذيلها، استعدت لخوض معركة غير متكافئة، نبحت بصوت مسموع للمرة الأولي .
أنشب جبار أسنانه في رقبتها، ظلت تئن حتى صمتت .
وصل الخبر لعبد الهادي، ترك الجاموسة في الماء، تحول لثور هائج، فر جبار أمامه، أحتضن سرسوعة باكيًا، تكالب أهل البلد علي إخراج جاموسة العمدة من الماء.
نقل الولد للعلاج، تكفل العمدة رجل الخير بعلاجه، تقدم أهل البلد للشهادة، تم القبض علي عبد الهادي الكلاف، أقفل محضر الشرطة علي أن سرسوعة هي الجانية.
........
بقلم سيد جعيتم