في الحي القديم، تدور حكايات بين سكانه، عن بيت مسكون بالجن والإنس.
نزلت الحاجة زهرة للدور الأرضي لتشرف علي تجهيز العجين وخبزه، سألت سميحة زوجة ابنها:
- نخلتي الدقيق .
- أيوه يا نينه .
انتبهت زهرة لعدم وجود ابنتها الكبرى، لسه نايمه لحد دلوقتي ولا إيه؟
سمعوا صوت جمالات وهي نازلة علي السلم: - - صباح الخير يا نينة .
- يسعد صباحك يا جمالات، نموسيتك كحلي.
- غصب عني الحاج كان تعبان شوية وسهرت جنبه.
- سلامته، ياللا شمري كمامك وخمري العجين، سميحة ربت لك الخميرة.
نظرت سميحة بجانب عينها لجمالات وابتسم الاثنين.
بدأت تجهز للعجن، طلبت من أمها أن تختبر العجين.
بدأت ترش دقيق فوق العجين وتقول:
سترتك ما عفرتك يستر عرضي وعرضك وعرض الولاَية كلها، لوف لوف، النعجة لافت ع الخروف والنبي صاحب المعروف.
في مدخل البيت القديم فرن، لا يمانع أهل البيت من أن يأتي الجيران بعجينهم للخبز في فرنهم؛ فالجيران لبعضهم، وعلي من تأتي للخبيز أن تتبع طقوس أهل البيت، فكل الحارة تعلم أن بالبيت سكان غير البني أدمين.
بدأت الحاجة زهرة تجهز لإشعال النار في الحطب داخل المِحْمَة، وبدأت تتمتم بكلمات قبل أن تشعل النار في الفرن :
- دستور يا أسيادنا دستور ، الحامل تمشي علي مهلها والمرضعة تشيل ابنها ،الحارس الستار هو الله .
أشعلت عود ثقاب وأعادت الاستعاذة بالله، لتنبه سكان المحماة بأنها ستشعل النار.
حضرت الحاجة انشراح، ساكنة الدور الأول وبدأت تساعدهم في تبطيط العجين علي المطرحة قبل طرحه فوق البلاطة التي اكتسبت سخونة من النار المشتعلة بالمِحْمَة أسفلها، تجاذبت أطراف الحديث مع زهرة:
- إمبارح بالليل عمرت لمبة مدخل البيت بالجاز ، وكل ما أولعها تنطقي خفت، سميت بسم الله وقلت دستور و ولعتها فضلت مولعة.
نظرت إليها جمالات ، قالت:
يا مرات عمي أخبار التعبان إيه؟
ضحكت سميحة، وأسكتتهم الحاجة زهرة.
ردت انشراح:
يابت أنتي وهيه بطلوا تريقة، الكلام ده من أيام جدود م الجدود، وياما شفت التعبان بليل وعنيه منورة زي مايكون فيهم جوهرة.
- بس إحنا ما شفناش التعبان أبداً يا مرات عمي.
- أنتم ساكنين فوق هاتشفوه إزاي؟
رجل غريب يرتدي جلباب أبيض وحول وسطه حزام من القماش الأخضر وفوق رأسه عمامة خضراء، واقف قبالة المنزل وأخذ يقول:
يا كاشف المستور، اكشف لي السر المكمور، ثم جلس بجوار باب البيت وأغمض عينه ونام وهو جالس.
سأله الحاج أبو جمالات، قاعد كده ليه يا شيخنا، فيه إيه ؟
- البيت ده فيه سر مرصود من أيام الجدود، يحرسه تعبان ، جاني الإذن وأنا في بلاد المغرب بفتحه لأصحابه لوجه الله تعالي.
حذره أبو جمالات:
الكنز ليه حارس، خلي بالك.
سمع أهل الحارة بما قاله الشيخ المغربي، توافدوا ليحضروا استخراج الكنز.
تبسم الدجال في خبث، بدأ يعزم ويحوقل ويأتي بعبارات غير مفهومة ، ثم طلب موقد وضع به بخور كثير غطي دخانه المكان وجعل الرؤية متعسرة، زاد الدخان الجو غموضاً، صاح الشيخ:
يا وردان، يا وردان، يا ملك ملوك الجان، بحق الجاوي والخلنجان، احضر في التو واللحظة، بحق سيدنا سليمان.
ظهر الخوف علي وجوه الحاضرين خاصة السيدات منهم والأطفال، وبدئوا في ترك المكان وصعود السلم.
عاود الدجال الصياح العجل العجل، الساعة الساعة، الآن الآن في التو واللحظة وبدأ يدقق النظر للسقف، اظهر وبان وليك ولينا الأمان .
سرت رجفة شديدة في الحاضرين، توجهوا بنظرهم للسقف ليروا وردان، عندما يهبط من السقف.
والجميع ناظر للسقف فرد الدجال يده لأسفل،ترك العنان لثعبان ليتسلل خارجاً من كمه.
نظر الدجال للثعبان وقال:
أهلاً ومرحبًا يا وردان، يا ملك ملوك الجان، أأمر تطاع، عليك الأمر وعلينا الإجابة، طلباتك إيه، قول من غير كسوف، بس بالمعقول، الناس غلابة.
صوت فحيح يأتي من شق في الجدار، خرج منه ثعبان كبير، اقترب من ثعبان الدجال، فتح فكيه وأحكمها علي رأس ثعبان الدجال، ابتلعه،ثم عاد لجحره.
أمسكت رعشة قوية بالدجال وتحول لونه للون الأصفر، فر هارباً.
قالت الحاجة انشراح، تعبان الكنز بلع تعبانه
ما زال أهل الحارة يتناقلون قصة الكنز وحارسه
...
سيد جعيتم