قَالَ حَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ : " أَتَيتُ جَبَلَةَ بنَ الأَيهَمِ الغَسَّانِيَّ ,
وَقَد مَدَحتُهُ ، فَأُذِنَ لِي عَلَيهِ ، عَن يَمِينِهِ رَجُلٌ ذُو ضَفِيرَتَينِ
وَهُوَ النَّابِغَةُ ، وَعَن يَسَارِهِ آخَرُ لَا أَعرِفُهُ ، فَجَلَستُ بَينَ يَدَيهِ
، فَقَالَ لِي : أَتَعرِفُ هَذَينِ ؟ قُلتُ : أَمَّا هَذَا , فَأَعرِفُهُ :
النَّابِغَةُ ، وَأَمَّا الآخَرُ , فَلَا أَعرِفُهُ ، قَالَ : هُوَ عَلقَمَةُ بنُ عَبَدَةَ
، فَإِن شِئتَ استَنشَدنَاهُمَا , فَسَمِعتَ منهما، ثمَّ إن شئتَ
أنشدتَ بَعدَهما ، وَإِن شئتَ أن تَسكتَ سَكَتَّ ، قَالَ : قُلتُ
فَذَاكَ ، قَالَ : فَانشَدَهُ النَّابِغَةَ :
كِلِينِي لِهَمٍّ يَــا أُمَيمَةَ نَاصِبِ
وَلَيْلٍ أُقَاسِيهِ بَطِيءِ الكَوَاكِبِ
قَالَ : فَذَهَبَ نِصفِي ، ثُمّ قَالَ لِعَلقَمَةَ : أَنشِدْ , فَأَنشَدَ :
طَحَا بِكَ قَلبٌ فِي الحِسَانِ طَرُوبُ
بُعَيدَ الشَّبَابِ عَصرَ حَـــانَ مَشِيبُ
قَالَ : فَذَهَبَ نِصفِيَ الآخَرُ ، قَالَ : ثُمَّ قَالَ لِي : أَنتَ الآنَ
أَعلَمُ , إِن أَحبَبَتَ أَن تُنشِدَنَا بَعدَ مَا سَمِعتَ فَأَنشِدْ ،
وَإِن أَحبَبتَ أَن تُمسِكَ فَأَمسِكْ ، قَالَ : فَتَشَدَّدتُ وَقُلتُ :
لا بَلْ أُنشِدُ ، قَالَ : هَاتِ ، فَأنشَدتُهُ القَصِيدَةَ الَّتِي
أَقُولُ فِيهَا :
أَبـنَاءُ جَفنَةَ عِــنــدَ قَـبـرِ أَبِيهِمُ
قَبرِ ابـنِ مَارِيَةَ الكَرِيمِ المِفضَلِ
يُغشَونَ حَتَّى مَـــا تَهِرُّ كِلَابُهُم
لَا يَسأَلُونَ عَنِ السَّوَادِ المُقبِلِ
بيضُ الوُجُوهِ كَـرِيمَةٌ أَحسَابُهُم
شُمُّ الأُنُوفِ مِـــنَ الطِّرَازِ الأَوَّلِ
قَالَ : فَقَالَ لِي : ادنه ادنه ، فَلَعَمرِي مَا أَنتَ بِدُونِهِمَا ،
ثُمَّ أَمَرَ لِي بِثَلاثِ مِائَةِ دِينَارٍ , وَبِعَشَرَةِ أَقمِشَةٍ لَهَا جَيبٌ
وَاحِدٌ ، وَقَالَ : هَذَا لَكَ عِنْدَنَا فِي كُلِّ عَامٍ " .
فقلتُ :
الإعلامُ في كلِّ زمان ومكان ؛ يَرفَعُ أقواماً ويَضعُ أقواماً
بِمعايير بعيدة كلّ البعدِ عن الموضوعية والعدالة ؛
ويُقَسِّمُ الألقابَ وقسمَتُهُ ضيزى ، لكن يا صديقي ...
" لا تَزهدْ بِما عندكَ استسلاماً للألقاب "
مـــا لـــي أُوارى مُـهـمَـلاً وأُغَـيَّـبُ
وانـــا جَــديــرٌ بـالـظُّـهـورِ أتَـعـجَـبُ ؟!
....
لا تَـعـجَـبَنَّ فَـقَـد زَعَـمـتُ حَـقـيقَةً
والـشّـعرُ يَـشـهَدُ أنَّـنـي لا أكــذِبُ
....
إنّــي إذا جَـبُـنَ الـفُحـولُ وَجَـدتَني
طَــــرّاقَ أبــــوابٍ تُــهـابُ وتُــرهَـبُ
....
مــا راعَني في الحَقِّ سَوطُ مَلامَةٍ
لا أنــثَــنــي خَــجَــلاً ولا أتَــنَــكَّـبُ
....
إنّــي إذا نُـسِـبَ الـرّجــالُ لِـفِعلِهم
فـانا الـــى الشَّرَفِ المُعَظَّمِ أُنسَبُ
....
لا تَـعـجَـبَـنَّ إذا بُـخِـسـتُ مُـجَـهَّـلاً
أهــلُ الـتَّفاهَةِ فــي زَمـانِكَ أغـلَبُ
............................................
للشاعر اسامة سليم
، فَقَالَ لِي : أَتَعرِفُ هَذَينِ ؟ قُلتُ : أَمَّا هَذَا , فَأَعرِفُهُ :
النَّابِغَةُ ، وَأَمَّا الآخَرُ , فَلَا أَعرِفُهُ ، قَالَ : هُوَ عَلقَمَةُ بنُ عَبَدَةَ
، فَإِن شِئتَ استَنشَدنَاهُمَا , فَسَمِعتَ منهما، ثمَّ إن شئتَ
أنشدتَ بَعدَهما ، وَإِن شئتَ أن تَسكتَ سَكَتَّ ، قَالَ : قُلتُ
فَذَاكَ ، قَالَ : فَانشَدَهُ النَّابِغَةَ :
كِلِينِي لِهَمٍّ يَــا أُمَيمَةَ نَاصِبِ
وَلَيْلٍ أُقَاسِيهِ بَطِيءِ الكَوَاكِبِ
قَالَ : فَذَهَبَ نِصفِي ، ثُمّ قَالَ لِعَلقَمَةَ : أَنشِدْ , فَأَنشَدَ :
طَحَا بِكَ قَلبٌ فِي الحِسَانِ طَرُوبُ
بُعَيدَ الشَّبَابِ عَصرَ حَـــانَ مَشِيبُ
قَالَ : فَذَهَبَ نِصفِيَ الآخَرُ ، قَالَ : ثُمَّ قَالَ لِي : أَنتَ الآنَ
أَعلَمُ , إِن أَحبَبَتَ أَن تُنشِدَنَا بَعدَ مَا سَمِعتَ فَأَنشِدْ ،
وَإِن أَحبَبتَ أَن تُمسِكَ فَأَمسِكْ ، قَالَ : فَتَشَدَّدتُ وَقُلتُ :
لا بَلْ أُنشِدُ ، قَالَ : هَاتِ ، فَأنشَدتُهُ القَصِيدَةَ الَّتِي
أَقُولُ فِيهَا :
أَبـنَاءُ جَفنَةَ عِــنــدَ قَـبـرِ أَبِيهِمُ
قَبرِ ابـنِ مَارِيَةَ الكَرِيمِ المِفضَلِ
يُغشَونَ حَتَّى مَـــا تَهِرُّ كِلَابُهُم
لَا يَسأَلُونَ عَنِ السَّوَادِ المُقبِلِ
بيضُ الوُجُوهِ كَـرِيمَةٌ أَحسَابُهُم
شُمُّ الأُنُوفِ مِـــنَ الطِّرَازِ الأَوَّلِ
قَالَ : فَقَالَ لِي : ادنه ادنه ، فَلَعَمرِي مَا أَنتَ بِدُونِهِمَا ،
ثُمَّ أَمَرَ لِي بِثَلاثِ مِائَةِ دِينَارٍ , وَبِعَشَرَةِ أَقمِشَةٍ لَهَا جَيبٌ
وَاحِدٌ ، وَقَالَ : هَذَا لَكَ عِنْدَنَا فِي كُلِّ عَامٍ " .
فقلتُ :
الإعلامُ في كلِّ زمان ومكان ؛ يَرفَعُ أقواماً ويَضعُ أقواماً
بِمعايير بعيدة كلّ البعدِ عن الموضوعية والعدالة ؛
ويُقَسِّمُ الألقابَ وقسمَتُهُ ضيزى ، لكن يا صديقي ...
" لا تَزهدْ بِما عندكَ استسلاماً للألقاب "
مـــا لـــي أُوارى مُـهـمَـلاً وأُغَـيَّـبُ
وانـــا جَــديــرٌ بـالـظُّـهـورِ أتَـعـجَـبُ ؟!
....
لا تَـعـجَـبَنَّ فَـقَـد زَعَـمـتُ حَـقـيقَةً
والـشّـعرُ يَـشـهَدُ أنَّـنـي لا أكــذِبُ
....
إنّــي إذا جَـبُـنَ الـفُحـولُ وَجَـدتَني
طَــــرّاقَ أبــــوابٍ تُــهـابُ وتُــرهَـبُ
....
مــا راعَني في الحَقِّ سَوطُ مَلامَةٍ
لا أنــثَــنــي خَــجَــلاً ولا أتَــنَــكَّـبُ
....
إنّــي إذا نُـسِـبَ الـرّجــالُ لِـفِعلِهم
فـانا الـــى الشَّرَفِ المُعَظَّمِ أُنسَبُ
....
لا تَـعـجَـبَـنَّ إذا بُـخِـسـتُ مُـجَـهَّـلاً
أهــلُ الـتَّفاهَةِ فــي زَمـانِكَ أغـلَبُ
............................................
للشاعر اسامة سليم