من بابِكَ المفتوح للشَّمسِ ** أروي ليومي قصَّةَ الأمسِ
وإلى غدي يمضي بلا وجلٍ ** قلبي، وتعرف دربَها نفسي
بك يحتفي جهري إذا نطقتْ ** شَفَةُ القصيد ويحتفي همسي
يا مسجدَ الأقصى, أراكَ على ** هامِ السَّحاب، وأنتَ في القُدْسِ
وأراكَ ضوءَ الفجرِ مُصْطَبِحًا ** وأراكَ بَدْرًا حينما أُمسي
وأراك في ثَغْرِ الصَّباحِ ندى ** تهفو إليه منابتُ الغَرْسِ
وأراكَ في قلبي، وإنْ رفعوا ** جُدْرانَهم، وأراكَ في حِسِّي
يا مسجدَ الأقصى أراكَ على ** وَجْهِ الحقيقةِ دونما لَبْسِ
لا تَبْتَئِسْ من حالِ أُمَّتنا ** مهما ترى فيها من البُؤْسِ
فلأمتي من دينها قِمَمٌ ** تبْقَى بها مرفوعةَ الرَّأسِ
إنْ كان قد أزرى بها نَفَرٌ ** منها، وقادوها إلى النَّحس
ِ مَلَؤُوا لها كأسَ انتكاسَتِها ** فتضلَّعتْ بمرارةِ الكأسِ
وتدنَّسوا بعناقِ مغتصبٍ ** متجاهلينَ عواقبَ الدَّرْسِ
فلسوف ترفع ثوبَ عِفَّتِها ** عن موطنِ الآثامِ والرِّجْسِ
يا مسجدَ الإسراءِ يا شَفَةً ** تدعو إلى صلواتنا الخمس
ِ ما زلتَ أكبرَ من تآمُرِهم ** مهما أطالوا مُدَّةَ الحَبْسِ
لا تبتئِسْ منهم فلن يقفوا ** إلا على جُرُفٍ من اليَأس
ِ كم أطلقوا دَعْوَى عروبتهم ** ولها أقاموا حَفْلَةَ العُرْسِ
ولكم سعوا نحو العدوِّ بلا ** وَعْيٍ ولا رأيٍ ولا حَدْس
ِ قُلْ أيُّها الأقصى لمَنْ وَهِمُوا: ** هل تلجأُ الأغصانُ للفَأْسِ؟
قُلْ للعروبةِ في تعلُّقها ** بالوهم، والتشويه والدَّسِّ:
أنا لا أرى لعروبتي شرفًا ** في حَرْبِ ذُبْيَان ولا عَبْسِ
شَرَفُ العروبةِ أنْ تسير على ** صوتِ الأذانِ وآيةِ الكُرْسي
عبدالرحمن بن صالح العشماوي