لم أتعجب حينما سمعت أن المدعو "إبراهيم
عيسى" قد سب زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أو أنكر عذاب القبر أو قال بعدم
الوعيد لتارك الصلاة وذلك لأن هذا هو طريق الطاعنين على ثوابت دين رب العالمين.
والعجيب أن هذه الأمثلة هي التي تتكرر كل عصر وتجدها هي هي تماما بتمام والأعجب
أنك ترى علماء أجلاء أمثال ابن حجر العسقلاني وغيره قد ردوا على مثل هذه التفاهات
من قديم الأزل.
ليس المقصد من هذه المقالة تفنيد مزاعم المدعو
أو الرد عليه ولكن المقصد هو القاء الضوء على أن هناك ثوابت في الدين يجب التمسك
بها مع الأخذ في الاعتبار ضرورة الوعي والادراك أن المجرمين من أعدا الدين سيبذلون
الغالي والنفيس لصد الناس عن هذه الثوابت.
يقول الدكتور صلاح الخالدي حفظه الله في مقدمة
كتابه "ثوابت للمسلم المعاصر":
" فإن المسلمين في هذا العصر
– وبخاصة الشبان المثقفين منهم – بحاجة ماسة إلى توثيق صلتهم بربهم، وبإسلامهم، وبقرآنهم
بحاجة إلى تذكيرهم المستمر بأنفسهم، وبأهدافهم، وبوسائلهم، وتعريفهم على واجبهم تجاه
أنفسهم وتجاه إخوانهم المسلمين، وتجاه البشرية القلقة الضائعة المعذبة التي تنظر لهم،
وتنتظر ما عندهم من علاج.
إن هؤلاء المسلمين المعاصرين بحاجة ماسة، إلى تعريفهم
على الأسس التي يوجدونها، والمرتكزات التي يقيمونها، والمنطلقات التي ينطلقون منها،
والبواعث التي يتحركون من خلالها، و " الثوابت " التي يلحظونها ويستحضرونها،
ويصدرون عنها في كل لحظة من الليل والنهار، وفي كل لفظة في ليل أو نهار، وفي كل خطوة
من ليل أو نهار، وفي كل خاطرة أو هاجس في ليل أو نهار.
إنهم بحاجة ماسة لمعرفة هذه " الثوابت
" واستمرار تذكرها، ودوام استحضارها، لما يوجهه أعداء الإسلام في أساليبهم المختلفة
لإزالة هذه " الثوابت " من تصور المسلمين، أو زعزعة ثقتهم بها.
وهم بحاجة ماسة لمعرفة هذه " الثوابت
" لضمان قيامهم بالواجب الذي كلفهم الله به، ولأداء ما ينتظرهم من مهام عظيمة،
وأعمال جليلة، فإن المستقبل للإسلام، الذي سينقذ البشرية مما هي فيه الآن!"
بهذه الكلمات الرائعة أقام الرجل الحجة علينا
جميعا، كل منا له دور أولا في التمسك بالثوابت وثانيا في دعوة الناس للتمسك بثوابت
الدين.
والعجيب أنك ترى وتسمع شيخا كيرا بحجم الشيخ
العلامة المحدث أبا إسحاق الحويني حينما تكلم عن تعرض "الرويبضة" لزوجات
النبي صلى الله عليه وسلم بكى ولم يجد إلا "شيخ الانقلاب" أحمد الطيب
ليستنجد به ليوقف هذه المهزلة.
سبحان الله
أحمد الطيب "عضو لجنة السياسات بالحزب
المباركي " هو من سيدافع عن عرض النبي صلى الله عليه وسلم؟
أحمد الطيب الذي بذل الغالي والنفيس لتثبيت حكم
الطاغوت مبارك ودعا الناس لعدم الخروج عليه هو من سيحمي ثوابت الدين؟
أحمد الطيب الذي كان شريكا في الانقلاب على أول
رئيس إسلامي منتخب هو من سيذود عن دين الله ويرد سهام المعتدين؟
هذه سقطة كبيرة ما كان لمثل الشيخ حفظه الله أن
يقع فيها خصوصا أن المحاضرة كانت قيمة جدا وفيها كلام يوزن بالذهب.
تكمن خطورة عرض مثل هذه الشبهات على ثوابتنا في
أنها قد يتأثر بها بعض أبناء المسلمين بل ويدعون اليها.
قد يستغرب البعض من هذا الأمر ولكن تلك هي
الحقيقة المرة التي يجب أن نعترف بها.فالاسلام لن يتأثر أبدا بمثل هذه الدعوات
فالمستقبل لهذا الدين والله متم نوره ولو كره المشركون.
ولكن لنستمع إلى الدكتور صلاح الخالدي وهو يشرح
لنا كيف استجابت فئة من المسلمين بشبهات الطاعنين فيقول الرجل:
" استجاب كثيرون من أبناء المسلمين
– الشباب والمثقفين – لتلك الدعوات، وصدقوا تلك الاشاعات، واعتنقوا تلك " الاسرائيليات!
" وثاروا، ثاروا على كل ما دعاهم المغرضون إلى الثورة عليه، ثاروا على "
الثوابت " الأساسية، التي ورثوها عن أجدادهم العظام، وسلفهم الكرام. وأخذوها عن
دينهم وإسلامهم وقرآنهم.
ووقع هؤلاء صرعى الغزو الفكري المنظم، وعاشوا حيرة
أليمة، وضياعاً قاتلاً. وصدق في هؤلاء قول الله تعالى: (قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللّهِ
مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا
اللّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ
يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا
لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَنْ أَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ) [سورة
الأنعام: 71 – 72].
وإذا توقفنا لحظة، لنعرف أسباب استجابة هؤلاء لتلك
الدعوات، ولنتعرف على كيفية انتقال الدعوات الجاهلية الانحرافية إليهم، فإننا سنقف
على هذه الأسباب:
1-جهل أبناء المسلمين بإسلامهم وبدينهم – والجاهل
عدو نفسه، ومن جهل شيئاً عاداه – وعدم معرفتهم للثوابت الإسلامية، التي ينطلقون منها،
وبذلك فقدوا " الأرضية " الثابتة الصلبة التي يقفون عليها.
2-الفراغ الروحي، والقلق النفسي، والافلاس الايماني،
الذي عاشه هؤلاء، فقادهم إلى الأفكار الغربية، وأوصلهم إلى نتيجتها الحتمية.
3-عدم " تحصين " أرواح ونفوس هؤلاء أمام
الغزو الفكري الغربي المدر، بل فتح قلوبهم وعقولهم أمام جراثيم وميكروبات العدوى الوبائية
القادمة، فدخلت تلك الميكروبات إلى نفوسهم، واستقرت في قلوبهم وعقولهم وأدمغتهم، وعملت
في كيانهم نقضاً وتدميراً وإفناءاً.
4-" الطابور الخامس " من المضللين، أدوات
الغزو الفكري، الذين استخدمهم أساتذتهم من شياطين الإنس ودهاقين الكفر.
5-تمكين أولئك " الطابور الخامس " – أعداء
الثوابت الإسلامية – من مختلف الوسائل الاعلامية، وفتحها لهم، وجعلها بين أيديهم، وتوظيف
الأموال والمخترعات والأدوات والعقول والمواهب والأفكار لخدمة هؤلاء في غزو العقول
والقلوب، فصار أبناء المسلمين يعيشون ذلك الغزو وأدواته وجنوده في كل لحظة من ليل أو
نهار.
6-انفتاح المسلمين على ثقافة الغرب وحضارته، والاعجاب
بعلومه ومعارفه، والانخداع بأفكاره ومبادئه وآرائه، و " العبُّ " منها بدون
حساب، والأخذ منها بدون ضابط ولا ميزان.
7-إقصاء الاسلام عن دفة الحكم والتوجيه والتأثير،
و " حشره " في زوايا المساجد، وقوانين الأحوال الشخصية، وإغلاق مجالات حياة
المسلمين ومرافقها ومظاهرها أمامه، وتحريم تدخله في الحياة السياسية أو الاقتصادية
أو الثقافية أو العسكرية أو الفنية للمسلمين.
وبذلك غابت عن أبناء المسلمين " الصورة الاسلامية
العملية "، والنموذج الحي للأحكام الشرعية، والجو الواقعي الذي تعيش فيه حقائق
الإسلام ومبادؤه وأسسه وقيمه ومفاهيمه.
8-محاربة دعاة الإسلام ورجاله وجنوده – أنصار الثوابت
الأصيلة – والحيلولة بينهم وبين التأثير في عقول وقلوب المسلمين، وإغلاق منافذ التوجيه،
ومنابر التأثير، وأدوات الاتصال، في وجوههم!
هذه هي المشكلة التي نعاني منها في واقعنا
المعاصر وهذه هي خطورة عرض مثل هذه الشبهات على العامة.
أسأل الله سبحانه أن يثبتنا على دينه وثوابته
إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ولعل الحديث يستكمل ان شاء الله وقدر.
--------------------------------------------------------------------------
هاني حسبو