تلك كانت كلمات القائد الملهم أبي الوليد
خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في
الدوحة في خضم المعركة مع الكيان الصهيوني المغتصب بما يعرف بمعركة "العصف
المأكول".
قال خالد مشعل نصا:
"المقاومة لن يكسرها أحد بإذن الله لأن
هناك كلاما تحت الطاولة يقال بأن على المقاومة أن تنزع سلاحها. هناك شرطان لنزع
سلاح المقاومة الأول: انهاء الاحتلال والثاني نزع سلاح إسرائيل."
العجيب أن يصدر هذا الكلام القوي من رجل يباد
شعبه بكل أنواع القذائف والأسلحة المحرمة وغير المحرمة ليل تهار وصباح مساء.
كيف لمثل رجل يقتل شعبه ويظهر بهذا الثبات
وهذه القوة الجبارة ويظهر كأنه هو المنتصر؟
إنه الايمان الفعلي الذي يصدر من رجال باعوا
أنفسهم لله ولإعلاء دين الله ولتطهير المسجد الأقصى من دنس اليهود.
ولتتعرف على نفسية هؤلاء الرجال العظماء
علينا أن نستمع إلى مؤسس هذا الكيان العظيم الشيخ "أحمد ياسين" رحمه
الله في أخر مقابلة تلفزيونية حيث قال:
"إننا طلاب شهادة لسنا نحرص على هذه
الحياة، هذه الحياة تافهة رخيصة، نحن نسعى إلى الحياة الأبدية."
قالها الشيخ بصدق وإخلاص فنال ما تمنى وانضم
إلى مواكب الشهداء وفي يوم الاثنين غرة صفر 1425هـ الموافق 22 مارس عام 2004م قامت
الطائرات الإسرائيلية بإطلاق عدة صواريخ استهدفت أحمد ياسين بينما كان ياسين
عائداً من أداء صلاة الفجر في مسجد المجمع القريب من منزله في حي صبرا في غزة
بعملية أشرف عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون. قامت مروحيات الأباتشي
الإسرائيلية التابعة الجيش الإسرائيلي بإطلاق 3 صواريخ تجاه ياسين المقعد وهو في
طريقه إلى سيارته مدفوعاً على كرسيه المتحرك من قبل مساعديه، فسقط ياسين شهيداً في
لحظتها وجرح اثنان من أبنائه في العملية وقتل معه سبعه من مرافقيه. وقد تناثرت
أجزاء الكرسي المتحرك الذي كان ينتقل عليه ياسين في أرجاء مكان الهجوم الذي تلطخ
بدمائه ومرافقيه خارج المسجد. مما أدى أيضاً إلى تناثر جسده وتحويله إلى أشلاء
وهنا ارتقت روحه إلى بارئها ومات كما كان يتمنى.
هؤلاء رجال صدقوا ما عاهدوا الله فمنهم من
قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.
حينما يصبح الإنسان أسيرا لإيمانه بالله فإنه
يتحرك دائما وفق ما يمليه عليه هذه الأسر. حينما يصبح الرجل همه في أن يحرر
الأراضي المقدسة من دنس الصهاينة لتحقيق العبودية الكاملة لله فسوف تجد مثل هؤلاء
الرجال.
ثم عامل مشترك يربط هؤلاء الرجال ويكون دائم
التواجد في أنفسهم ألا وهو "القرآن" فنجد أن هؤلاء الرجال دائمو
الارتباط بكتاب الله عزوجل فنجد أن أبا الوليد خالد مشعل رجل حافظ لكتاب الله
يحفظه عن ظهر قلب، يحفظه بتلاوة المعاني لا المباني فقط.وهاهو أبو العبد إسماعيل
هنية يؤكد على هذه الحقيقة حينما قال متحدثا عن رجال القسام بأنهم "رجال
نشئوا في ظل القرآن".
هؤلاء العظام نراهم في ميادين القتال ونراهم
في محاريب الصلاة فكم من مرة سمعنا أبا العبد وهو يخطب الجمعة ويصلي بالناس صلاة
القيام بالليل في رمضان.
لقد أثبت هؤلاء الرجال أنهم فرسان بالليل
رهبان بالنهار.
لما قرأ هؤلاء الرجال القرآن بقلوبهم لا
بألسنتهم، ساروا على نهجه واتبعوا تعاليمه.
إن هؤلاء الرجال ليمسحون الآن عار أمة تركت
الجهاد ورضيت بالزرع فسلط الله عليها أعدائها.
عندما قرأ الأبطال عن نفسية اليهود الخائفة
المرتبكة في قوله تعالى "لا يقاتلونكم جميعا الا في قرى محصنة أو من وراء
جدر" عرفوا أنهم جبناء لذلك باغتوهم بالصواريخ في عقر دارهم التي اغتصبوها من
أهلها.
عندما قرأ الأبطال عن الجهاد وعن الاستشهاد
في سبيل الله لم يتكاسلوا ولم يخافوا لأنم طلاب آخرة فتراهم يقدمون أنفسهم لله
وينعمون ان شاء الله بأجر الشهادة بل ويقدمون أبنائهم وفلذات أكبادهم لله ولإعلاء
دين الله وما الشهيد أسامة الحية منا ببعيد.
عندما التصق الأبطال بكتاب الله التصاق
المتدبر العاشق عرفوا أن المعركة الدائرة في فلسطين منذ القدم ليست صراعا عربيا
إسرائيليا بل هو صراع عقدي "إسلامي يهودي" ,صراع وجود وصراع حياة أو موت
لذلك تراهم يوقنون بنصر الله لهم مهما طال الزمن ومهما قامت قوات الاحتلال بقتل
الآف أو ملايين فهم يعرفون أن المستقبل لهذا الدين وأن دولة اليهود الى زوال.
ومع يقين هؤلاء الرجال بصدق موعود الله في
نصرهم الا أنهم لم يركنوا إلى وعد النصر فقط بل أخذوا بالأسباب عملا بقول الله عز
وجل:
"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"
فعرفوا أن ما أٌغتصب بالقوة لا يسترد الا
بالقوة فبدأوا بالحجارة حتى وصلوا الى الصواريخ وإلى الطائرات بدون طيار فعشنا
بفضل الله سبحانه لهذا الزمان الذي تعلن فيه كتائب القسام عن موعد لقصف تل أبيب
وينجز القساميون وعدهم وعلى الهواء مباشرة.
هذا درس لنا جميعا إذا أردنا أن نخرج من
أزمتنا الحالية والثورات المضادة بألا نيأس أولا من نصر الله سبحانه وأن نوقن أن
الله ناصرنا ما دمنا على الحق وما دمنا مستمسكين بسنن الله سبحانه ومع هذا نأخذ
بأسباب القوة المادية لنعزز من موقفنا ومن ارادتنا.
في نهاية هذه الكلمة أنبه إلى درس عظيم
يأتينا من هذه الأحداث ألا وهو "الصبغة الإسلامية" التي يجب علينا أن
نصبغ حياتنا كلها بها فنسير بالإسلام ونجلس بالإسلام ونشرب ونأكل ونموت ونحيا بالإسلام.
فالمتتبع لأسماء معارك الأبطال مع اليهود تجدها كلها بأسماء قرآنية بدءا بمعركة
الفرقان ومرورا بحجارة السجيل وأخيرا بالعصف المأكول.
فلا تقلل أبدا أيها الأخ الكريم من مثل هذه
الأمور وتظنها قليلة وتمثل قول الله سبحانه:
"وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم"
لهذه الأسباب يا سادة "المقاومة لن
يكسرها أحد"
...........................................................
هاني حسبو