لِلَّهِ من قَمَرٍ في القلبِ موضِعُهُ
كالعطرِ حيثُ يشاءُ الزَّهرُ يودِعُهُ
خمرًا رحيقًا بشَهْدِ الثغرِ مُكْتَحِلاً
كالغيثِ وافقَ خدَّ الأرضِ مضجِعُهُ
ساحاتِ حُسنٍ فلا أبْلَلْتُ من سَقَمٍ
وحاجبُ الشمسِ مِ الإشراقِ يُبْدِعُهُ
إنْ لمْ أنَلْ من لحونِ القلبِ أَبْهَجَها
فكيفَ يَطْرَبُ شادٍ راحَ يَسْمَعُهُ
إنْ مِنْ زُبُرجُدِ جَفْني أمْ عَقيقِ فَمي
يُزْهي الهِدابَ وعُسْلُ الثَّغرِ يُمْتِعُهُ
حتَّى الشِّفاهُ بِعِطْرِ الشَّوْقِ واشِجةٌ
إن تلمُسِ الخدَّ بالأحلامِ تُوْجِعُهُ
قد شفَّ قلبي بأُنسٍ لا يفارقني
فَمَوْطِنُ العِشْقِ شَرْياني وأضلُعُهُ
إنَّ الخلاصَ لِروحي لو يُودِّعها
قد أَوْقَفَ النَّبْضَ مُذْ راحَتْ تُوَدِّعُهُ
لا أَعْصِرُ الدَّمعَ مُذْ جفَّتْ مَساكِبهُ
يُدمي الفؤادَ بلا سُمٍّ يُحَرِّعُهُ
خرساءُ إن فاض بي وجدٌ تَنازَعَني
فبسمةُ الثَّغرِ تَذْريني وتَجْمَعُهُ
لم يبقَ رسمٌ لأَحزاني بِفُرْقَتِهِ
فالحزنُ شَعْبٌ على الشُّطآنِ مَخدَعُهُ
مَنْ لابسٌ نُقَبَ الثُوَّارِ أغضَبَهُ
ذاكَ الرِّثاءُ فمنْ يَبْكيهِ يصرَعُهُ
وَدَدتُ تَقْبيلَ خدَّيهِ فإذ عطِشٌ
ومَن يُرَوِّي فتسقيهِ مواجِعُهُ
لا فاتَ نصرُكَ من شامٍ إلى قُدُسٍ
طُلابُ مجدِكَ في بغدادَ تزرَعُهُ
قد نكتبُ الشِّعرَ من يأسٍ ومِنْ غَضَبٍ
قد نلطُمُ الخدَّ إعجازًا نُضاجِعُهُ
ليسَ المَلامُ على الحكَّامِ ما ظَلموا
لا يَرْبَحُ الحرْبَ من سيفٌ يُرَوِّعُهُ
..............
ناهدة الحلبي