قراءة في نص "حستناك" للشاعر محمد يوسف حامد بقلم الاستاذة / وفاء الدر
النص
-----------
حستناك
على اخر شارع
من عمرى
تلقانى مكوع تحت الحيط
فارد ايامى واحلامىى
على قفص الحزن
الشايب جوايا
مع اخر ضحكه شايلهالك
يمكن توصلك
قبل ما أموت
يمكن تتغير
كل ملامح قلبى هناك
وانا بستناك علشان تاجى
تلحق احلامى المصلوبه
على دفتر مكتوب
بدموعى
وحروف تاهت بين الكلمات
---------------------------
القراءة
--------
عنوان النص
-------------
يعتبر عنوان النص هو بوابة الولوج إليه وعتبته الأولى والتي من خلالها يدفع الشاعر قاريء قصيدته إلى سبر أغوار نصه دعونا نتأمل عنوان نصنا حستناك يحمل العنوان دلالة مستقبلية متمثلة في حرف الحاء والذي يعني سوف ويجعلنا العنوان نفكر ونتساءل من الذي سينتظره الشاعر وهل هذا الانتظار عن موعدة وعده اياه ؟ واين هي محطة الانتظار ؟ وهل سيتم اللقاء ؟ ومن هو الذي سيلتقيه الشاعر ؟
بين يدي النص
----------------
قال د.إحسان عباس في تعريف الشعر
الشعر: ظاهر إنسانية لا يحد بدايتها تاريخ معين ولعلها وجدت منذ وجد الإنسان على ظهر البسيطة وهو مرآة تعكس الحياة بكل ما فيها من مفارقات ومتناقضات وهو تعبير عن إحساس وخلجات النفس تجاه موثر خارجي إستنبطه الشاعر فأثر عاطفته واصطبغ بوجدانه والقاريء لشعر الشاعر محمد حامد يدرك أنه يعيش هموم وطنه ويتنفس أوجاعه فيخرجها زفرات شعرية موجعة بطعم ألم الوطن
في العتبة الثانية للنص و هي المقدمة يجيب الشاعر عن سؤالنا أين سيكون مكان انتظاره ؟ فيقول
على اخر شارع من عمري
إن هذه العبارة تدل على قوة العاطفة التي تربط الشاعر بمحبوبته أو وطنه تلك العاطفة التي تجعله ينتظر حتى الرمق الاخير وقد بذل كل طاقته في الوصول إليه حتى نفذت قوته و سقط متألما متخذا ذلك الوضع مكوع والذي يحاول فيه مغالبة أوجاعه والإنتصار عليها أو ربما يغلبه الألم فيظل قابعا مكانه متقوقعا على ذاته لا يلمحه من يمر إلا إن كان يعلم بمكانه مسبقا
تلقاني مكوع تحت الحيط
يبكي الشاعر ذكرياته الماضية وأيامه الخوالي في وطنه و أحلاما كانت تراوده كان يتمنى أن تتحقق في هذا الوطن وحده ولكنه شاب في إنتظار تحقيقها وهي ما زالت حبيسة فكره الذي لبس ثوب الحزن
فارد ايامي واحلامي
على قفص الحزن
الشايب جوايا
ويستمر الشاعر في عتاب الوطن قائلا إنه لم يعد له أمل في السعادة وإنه ادخر الضحكة الأخيرة لوطنه ويتعجل هذا الوطن في تسلم هذه الضحكة قبل ان يموت فيصبح اللقاء مستحيلا
مع اخر ضحكة شايلهالك
يمكن توصلك
قبل ما اموت
ونلمح بارقة أمل في استخدام الشاعر لفظ يمكن تتغير وهذا يدل على أنه لم يفقد الأمل تماما ولكنه مازال يرجو أن يخلف القادم ظنون باتت تسيطر عليه وتحاصره حتى كاد حلمه أن يحتضر و دموعه تنساب فتسطر تاريخا طويلا من الحزن – دفتر – وقد عانى الضياع والتشتت فتاهت حروفه ولم يعد لها معالم فيتوسل للأمل القادم أن يدركه قبل ان يقضي نحبه
يمكن تتغير
كل ملامح قلبي هناك
وانا باستناك
تلحق احلامي المصلوبة
على دفتر مكتوب
بدموعي
وحروف تاهت بين الكلمات
نلاحظ استخدام الشاعر لصيغة المذكر وقد استخدم العرب هذه الصيغة للتعميم او لإخفاء هوية المحبوبة وقد يكون حديث الشاعر هنا موجها الى حلمه او وطنه
حاستناك – تلقاني – توصلك – تلحق
- يفيد استخدام الجملة الفعلية التجدد والحدوث والأستمرارية وتضفي على النص الحيوية والحركة
حاستناك – تلقاني – توصلك – تلحق
الوحدة الموضوعية
---------------------
تميزت قصيدة الشاعر محمد حامد بأنها نسيج مترابط تميز بالتسلسل في السرد بانسيابية وبراعة كما جاءت ألفاظ القصيدة ملائمة لموضوعها ألا وهو هم الوطن ومستقاة من لغة هذا الوطن ومتأثرة به
مكوع – قفص الحزن – الشايب – اخر ضحكة – احلامي المصلوبة – دفتر مكتوب بدموعي – حروف تاهت
العاطفة
-----------
قوية وصادقة نابعة من حب الشاعر لوطنه
من مظاهر الجمال في القصيدة
--------------------------------
المعاني
إعتمد الشاعر في قصيدته على الأسلوب الخبري للدلالة على أن كل ما قاله حقائق لا تقبل الشك
البيان
شبه الشاعر سنوات العمر بشوارع
الحزن الشايب شبه الشاعر الحزن بانسان يشيب و حذف المشبه به وأتى بشيء من لوازمه وهو الشيب – "استعارة مكنية "
موسيقى القصيدة
-----------------
لا بد للشعر من موسيقى ؛ لأن الموسيقى من أبرز علامات الشعر ، وهي التي تميزه عن الكلام المعتاد ، وعن غيره من الفنون الأدبية ، ولها أثر كبير في تنسيق البناء العام للنص الشعري
ولاختيار القالب الموسيقي للشعر وتوزيعه أثر كبير في الدلالة على انفعالات الأديب ومشاعره ، بل إن هذا الاختيار هو جزء أساسي من الشخصية الفنية للشاعر
ان موسيقى شعر العامية سماعية اكثر من كونها معتمدة على قواعد الموسيقى و يمكن فيها المزج والتنويع بين التفعيلات كما فعل رائد العامية الشاعر صلاح جاهين
يغلب على قصيدتنا استخدام تفعيلة مستفعلن \ه\ه\\ه والتي هي اللبنة الاساسية في بناء بحر الرجز لكن الشاعر استخدمها مقطوعة في الغالب وخرج عنها أحيانا مستخدما تفعيلات أخرى تتضح من التقطيع العروضي كالتالي
حستناك = حستنناك \ه\ه\ه مستفعل
من عمرى – من عمري \ه\ه\ه مستفعل
تلقانى مكوع تحت الحيط – تلقاني \ه\ه\ه مستفعل – مكووع تح \\ه\ه\ه مفاعيلن
فارد ايامى واحلامىى – رداييا \ه\ه\ه مستفعل – ميواحلا \ه\\ه\ه فاعلاتن
الشايب جوايا – يب جووا \ه\ه\ه مستفعل
يمكن توصلك – شايلها \ه\ه\ه مستفعل – لك يمكن \ه\ه\ه مستفعل – توصللك \ه\ه\ه مستفعل
يمكن تتغير – تيمكن تت \\ه\ه\ه مفاعيلن - غييركل \ه\ه\ه مستفعل
-------------------------------
شكرا للشاعر محمد حامد على قصيدته الرائعة
شكرا لمجهودكم الرائع في نشر هذه القراءة والعمل الجاد على مساندة العمل الادبي الجاد
ردحذف