إلى حَيثُ نَهفو تَسيرُ الرِّحالْ
وهَانتْ لغالٍ نُفوسٌ ومالْ
إلى حَيثُ سِرنا يُقيمُ الخُلودُ
ولم نَخْشَ يومًا عليها زَوال
هُنَا شَاءَ قلبي بَقاءً طويلاً
وهزَّتْ كياني رُبوعُ الجَمالْ
أقامَ البَهَاءُ لَدى كُلِ رُكْنٍ
وسِحْرٌ تَجَلَّى يَفوقُ الخَيالْ
يَشُدُّ العيونَ تُراثُ الجُدودِ
على كُلِ لُغْزٍ أجَابَ السُّؤالْ
لتَاريخِ مصرَ قَرأنَا فُصولاً
وصَفْحَةُ عِزٍ بصِدْقٍ تُقالْ
تُؤكِدُ أنَّ بناءَ الخُلودِ
بَنَاهُ التَّفانِي وعَزْمُ الرِّجال
فمنْ عَهدِ مينا عُهودٌ تَوالتْ
سَلاسِلُ فَخرٍ بدونِ انْفِصال
صَهيلُ الخُيولِ يُداعِبُ سَمْعِي
وصَوتُ المَعَارِكِ فَوقَ الرِّمالْ
أتاها غزاةٌ بظلمٍ وجورٍ
أدَاروا عَليْهَا صُنوفَ القِتالْ
مَنَحْنَا الزُّهورَ لِمَنْ شَاءَ سِلْمًا
ومَنْ شَاءَ حرْبًا يَذق من وبالْ
بصِفرِ اليَدينِ يفرُّونَ منْها
فجيشُكِ مصْرُ يُجيدُ النِّزالْ
كِنانةُ ربِّي بهذا المَكانِ
بهيُّ الشُّموسِ بَهيُّ الظِّلالْ
على النِّيلِ مصرُ عروسٌ تُطل
على كلِّ حُسنٍ نَراها مِثالْ
أيا نيلُ مَرحى مَنَحْتَ الجِنَانَ
ومَنْ مِنْكَ يُسْقى أينْسى؟ مُحالْ
أينسى رقيًّا بعُمْرِ الزَّمَانِ
عَتيقٌ رقيقٌ كَثيرُ الخِصالْ
مَآذِنُ شتَّى أضاءتْ مَداها
فيا شَوقَ روحي لهذا الجَلالْ
ومتَّى يُجاورُ فيها صلاحًا
صَليبٌ يُعانِقُ فيها الهلالْ
مَعينُ الثَّقَافَةِ مَهْدُ العُلومِ
وإشْعَاعُ نُورٍ يُقيمُ احْتِفالْ
لوصفٍ دقِيقٍ لتِلْكَ المَزايا
قواميسُ حرفٍ سَتُبدي انْشِغالْ
سَتبقى لكلِ العُروبَةِ قلبًا
وتَحْمِلُ عنْها هُمومًا ثِقالْ
شموسُ العُروبةِ منها تُطلُ
تنيرُ الجنوبَ ، تنيرُ الشَّمال
تَميلينَ مصرُ يَميلُ الجَميعُ
وهم باعتِدالكِ نالوا الكَمال
ستبقين مصرُ طوالَ السِّنينِ
عظيمةُ قدرٍ وفي خيرِ حالْ
فمها كَتَبْنا ومهما نقولُ
لتاريخِ أرضِكِ مَحْضُ اخْتِزالْ
فبنتُ المُعزِّ صمامُ الأمانِ
وبنتُ المُعِزِّ لخيرٍ سِلالْ
تَقولُ بصوتٍ قويٍّ عَفيٍّ
تَقولُ بصوتٍ يهزَّ الجِبالْ
أفاخرُ كوني بما شاءَ ربِّي
فليسَ لغيري شُموخٌ يُطالْ
فمَن نالَ مِثْلي تراثًا عَريقًا
ومنْ صالَ مِثلي دُهورًا وجالْ ؟!!"
***
شيماء يوسف