وَأَرْشُفُ مِنْ غُبَارِ الْحُزْنِ قَهْرَا
لِأَنَّ غِرَاسَ زَرْعِي صَارَ صَبْرَا
فَقَيَّدَنِي السُّكُوتُ بِمَا أَتَانِي
فَأَشْعَلَ مِنْ عَنَانِ الْصَّمْتِ جَمْرَا
أَبِيتُ وَدَمْعَةُ الْأَحْدَاقِ نَزَّتْ
عَلَىٰ مَنْ كَانَ فِي بَيْتِي الْأَبَرَّا
لَقَدْ كَانَتْ لَهُ بَسْمَاتُ ثَغْرٍ
وَفَي ضَنْكِ الْمَعِيشَةِ كَانَ جِسْرَا
وَكُلُّ حَدِيثِهِ يَسْرِي جَمِيلًا
وَكُلُّ النَّاسِ تَعْبَقُ مِنْهُ عِطْرَا
سِنِينُ الْعُمْرِ تَحْلُو فِي جِوَارٍ
فَلَوْ يَوْمًا تَغَيَّبَ ذُقْتُ مُرَّا
أَعِيشُ وَكَيْفَ لَوْ هُدِمَتْ حُصُونِي
فَسَاعَتَهَا أَرَىٰ جِسْمِي تَعَرَّىٰ
فَصَوَّبَ نَحْوَهُ سَهْمُ الْمَنَايَا
وِثَاقَ الْمَوْتِ كَي يَرْتَاحَ عُمْرَا
أَرَىٰ عُصْفُورَ رَوْضِي غَابَ عَنِّي
فَمَا عَادَتْ أَغَانِي الْحُبِّ تَتْرَىٰ
وَمَاعَادَتْ لَنَا لَحْظَاتُ سَعْدٍ
تُجَمِّعُ بَيْنَنَا ظُهْرًا وَعَصْرَا
فَمُزِّقَتِ الضُّلُوعُ وَمَاتَ نَبْضِي
وَضَاقَ فَضَاؤُهُ بَلْ صَارَ قَبْرَا
قَضَاءُ اللَّٰهِ يَوْمًا إِذْ تَأَتَّىٰ
فَمَا شَيْءٌ هُنَالِكَ قَدْ أَصَرَّا
فِرَاقٌ ثُمَّ يَتْبُعُهُ اشْتِيَاقٌ
وَنَزْفٌ قَدْ بَدَا سِرًّا وَجَهْرَا
فَمَا أَبْكِي وَلَٰكِنِّي بَكَيْتُ
فَكَيْفَ وَكَيْفَ لَا أَبْكِيهِ دَهْرَا
فَيَا لِلْفِكْرِ مِنْ بَعْدِ اغْتِرَابٍ
وَيَالِلشَّوْقِ يَسْقِينِي الْأَمَرَّا
ريَاحُ الْحُزْنِ كَالْأَمْوَاجِ تَعْلُو
فَتَسْلِبُنِي لَهَا مَدًّا وَجَزْرَا
وَلَٰكِنْ حِينَ أَذْكُرُهُ أَرَاهُ
بِوَجْهٍ طَيِّبٍ قَدْ فَاقَ بَدْرَا
هُنَالِكَ فِي رِحَابِ الَّلٰهِ فَرْحٌ
لِمَنْ عَاشَ الدُّنَا صَوْمًا وَذِكْرَا
وَمَنْ صَلَّىٰ الْفَرَائِضَ كُلَّ وَقْتٍ
يَرَىٰ فِي جَنَّةِ الرَّحْمَٰنِ يُسْرَا
فَيَارَبَّ الْخَلَائِقِ لَاتَدَعْهُ
وَكُنْ عَوْنًا وَكُنْ سَنَدًا وَذُخْرَا
فَمَا سَنَدٌ سِوَاكَ وَأَنْتَ رَبٌّ
غَفُورٌ سَاتِرُ الزَّلَّاتِ سِتْرَا
فَكَمْ مِنْ مُذْنِبٍ وَأَتَاكَ قَسْرَا
فَجُدْتَ عَلَيْهِ غُفْرَانًا وَظَفْرَا
وَهَٰذَا الْعَبْدُ يَأْتِيكَ اشْتِيَاقـا
فَيَسِّرْ أَمْرَهُ وَارْزُقْهُ بُشْرَىٰ
أَتَاكَ وَفِي جِوَارِكَ خُذْهُ جَارًا
وَفِي جَنَّاتِ عَدْنٍ مُسْتَقَرَّا
إِلَٰهِي أَنْتَ رَحْمَٰنٌ رَحِيمٌ
فَأَجْمِلْ مُكْثَهُ فَوْزًا وَنَصْرَا
=======
الشاعر محمد عبدالله المراغى
الجمعة :
الموافق :20 من شهر نوفمبر
م2020
6 من شهر ربيع الاخر مرحبا 1442هجرية