مجلة حـــــروف من نــــــــور مجلة حـــــروف من نــــــــور

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شىء بيننا مشترك قصة بقلم / أحمد دسوقي مرسي

 


الوحدة و الحزن و الخريف :

الحزن فى القلب نصل رهيف سموم الملل فى الدماء تسرى .. شمس الآمال حجبتها سحائب الأكدار 

يا ويلى من هذا المساء المخيف 

خطواتى هذيان على الطريق دون معنى 

ليتنى أعرف سببا لالامى 

جند الخريف تحاصرنى بأشواكها تخزنى و تلسعنى تخترم لحمى و عظامى و مع ذلك فأنا لست أبالى 

الأشجـــــــــــــــــــــــــــــار صوحت ... عاقتها الأوراق و غادرتها إلى الطريق ... أوراق أخرى صفراء مازالت تتشبث بصدور الأغصان سوف تقطفها أكف الريح الهوج عن قريب 

أنا متعب .... المسير أتعبني لماذا أسير و لا هدف لى و لا طريق ؟ سوف أجلس على هذا المقعد الحجرى هناك ، اف المقعد الحجرى  من الثلوج . صلب . بارد سأجلس لابد أن أجلس حالتى لا تسمح بسير طويل أنا لست أبالى 

المجلة ... وضعتها عن يسارى . الهواء الملعون بدأ يزحزحها .... بأسنانه المثلوجة يعض صفحاتها . أوراقها تئن ، طفل الغلاف يبكى و يتوجع حملتها وسدتها بين يدى - إلا من تسلية فيك يا أيتها الصفحات .. كلمينى ... شاب موثوق اليدين يقف خائفا ... رجل وجهه لا يبين يمسك بمسدس صغير فى يده يصوبه إلى رأسه كلمات تحتها " فى فيتنام الأيدى الأثيمة تنزع الحياة الثمينة " ماذا بالله تعنى الكلمات ؟ أنا لا أعيها ماذا فى الصورة من جديد لا شىء أبداً جديد ، طويتها المجلة 

سوف ألقيك بجانبى فكل شى يا عزيزتى سخيف طفل الغلاف ما زال يبكى ... علام يبكى و كل الأطفال يبكون ؟ السيارات شياطين تجرى صوت البحر من خلفى يهدر قبضاته المرعبة تدق الصخور حتى أنت يا بحر تريد الإنفلات اذن فاضرب اضرب بكل قواك و عنفك فالكل ضارب و مضروب أضرب كل الليل و كل النهار اضرب فأنا لست أبالى 

فتاة على الطريق :

فتاة تبدو من بعيد خطواتها على الطريق متهادية مستانية شعرها الأسود الاثيث يرفعه عن راسها الهواء المجنون راحة يسراها تحط عليه تمنعه من حرب العبث مع الهواء صغيرة 

لماذا تسير وحدها مع الغروب و الخريف ؟ لتمضى وحدها ماذا يعنينى من أمرها ؟ و أنا مالى ... كلا إنها تمضى نحوى واعجبا !! كانها تعرفنى نظرات عينيها تلصقها على شخصى 

مساء الخير

مساء النور 

جلست على طرف المقعد أراحت حقيبتها على ركبتيها مسحت بيمناها على شعرها الذى تهدلت خصلاته ماذا تبغى بحق الإله ؟ أنا مالى 

الملل الفتاك يصارعنى الحزن صخور تتدحرج فى القلب أشعلت سيجارة دخانها الذى كان لذيذا لا طعم له و لا مذاق ... صوت مذياع يرن فجاة من مكان لا أدريه " أسقطت طائراتنا المقاتلة الإعتراضية صباح اليوم طائرة إسرائيلية من طراز سكاى هوك فوق القناة عند......."

لــم أسمع تفاصيل النبأ بعد ذلك استغرقنى الذهول تمامــــــــــــــــــــــــــــــــــــاً كل شىء بدا تافها و باهتا الرياح تكنس من تحت أرجلنا أوراق الأشجار البحر الهائج المجنون ما زال ينطح صخور الشاطىء و يصارعها ماذا لو اندفع كاسحا فى طريقه الأشياء وزحف على المدينة يخلع كل شىء فيها و يلتهمه ليت ذلك يكون ماذا يهمنى أنا لست أبالى 

اذا سمحت المجلة من فضلك

تفضلى 

تناولتها من يدى انتهى الحديث عدت إلى صمتى خروشة الأوراق تقتحم سمعى دبيب القرف فى نفسى أصغى إليه كل شىء يا رب سخيف ، التفتت الى صاحبتى فى حركة لم أقصدها عيناها تحدقان فى صورة الرجل الذى يصوب مسدسه الى رأس الفتى قبضت على نظراتى المتلصصة عليها ابتسمت 

الحديث :

هل ينوى قتله ؟

قتله بالفعل 

فظيع فى أى بلد يحدث هذا ؟

فى فيتنام 

و من هذا الرجل القاتل ؟

أمريكى 

إبتسمت :

ظننته إسرائيليا 

الشر واحد و الهدف واحد 

و لماذا الحرب دائما ؟

.......

يقولون اننا اسقطنا طائرة العدو 

نعم 

حط طائر الصمت بيننا اجفلته بحديثها الجديد :

البرد هنا شديد 

نعم 

يبدو أن شتاء هذا العام سيكون قاسيا

هل تحسين بوخزاته ؟

نعم 

و لماذا تتعذبين و لا تعودين إلى بيتك و أسرتك ؟

حدجتنى بنظرات مصها الالم 

لأنى وحيدة 

إعتراف أراحنى يا للعذاب الذى به تتعذب !

أنا أيضا مثلك

أشرق وجهها بالإبتسام

موظف هنا حضرتك 

نعم 

من اى بلد؟

من القاهرة 

هى مدينتى ايضا 

ابتسمت لاول مرة منذ هذا الصباح السئيم ابتسم ..

لكن ماذا يعنينى من أمرها لتكن هى من تكون أنا لست أبالى 

ألا تريد أن تتمشى قليلا ؟

إذا لم يكن لديك مانع 

خطواتنا على الطريق طرقات تدق قلبى افكر فيها زميلتى ابحث لها عن كلمات اقولها اللعنة ..اللعنة ماتت الكلمات فى دخيلتى صوتها يأتينى انقذينى من ورطتى انقذينى ..

تسكن بعيدا من هنا ...

ليس بعيدا تماماً 

هل فى استطاعتنا الوصول اليه سائرين ؟

نعم .. إذا اردت 

ورطة . كارثة لا تفتأ المقادير ترمينى بالارزاء ماذا افعل الآن ؟ انا لا أريدها لا أطيقها لو انها قابلتنى فى يوم غير هذا اليوم لرحبت بها أما ان تلقانى فى هذا المساء التعيس فأمر لا أرتاح له كثيرا و لا قليلا

انا هنا منذ العام الفائت 

و أنا أيضا 

ضحكت :

أشياء بيننا مشتركة 

" مقارنة قذرة كيف تقارن نفسها بى " ؟

مات أبى بالسكتة بعد أن تركت بيتنا مع رجل زين لى الطريق 

" لماذا تسرد على مسمعى قصة حياتها أو تعنينى فى شىء ؟ أنا لست أبالى بحياتها و لكن أبى مثلها مات أيضا بالسكتة بعد نقلى الى هنا "

مات أبى أيضا بالسكتة بعد نقلى بشهرين

يا خبر حاجة عجيبة 

تبسمت قلت لها :

كما تقولين : أشياء بيننا مشتركة 

ضحكت و أمسكت بذراعى :

صحيح و لكن لماذا لم اقابلك طوال هذه المدة ؟

لقمة العيش إنها تأكل الناس على الدوام 

تنهدت و أطرقت و دفعت بقدمها حجراً صغيراً هذه الفتاة شدتنى إليها يخيل إلى إنها تفهمنى أتمنى أن أسير هكذا معها حتى الصباح ذراعها فى ذراعى نثرثر نضحك و لا أذهب إلى العمل غداً ساقول لها أشياء عن نفسى و حياتى و ليتنى أقولها بمثل بساطتها 

لقمة العيش هى قيد الابد ... من تحرر منها تحرر من كل القيود هى الحرية دونها كل الحريات 

هزت راسها موافقة لعلها لا تفهمنى... هكذا يبدو صمتها 

صدقينى لقد كرهت هذا البلد أتمنى أن أعود أسعد الناس جميعاً سوف اكونه لو تخلصت من قيد الوظيفة انا أحس هنا بضياع غريب 

أنا الأخرى ضائعة 

تعاستنا مشتركة العذاب بيننا واحد نظرت إلى وذراعها ما زالت متعلقة بذراعى 

و لكنى لا استطيع ان اعود

المذياع يرن صوته من محل عصير قريب 

" ادلى متحدث عسكرى ان طائراتنا المقاتلة الاعتراضية أسقطت صباح اليوم طائرة إسرائيلية ...."

أحسن 

قلت على إثرها فى حماس حقيقى :

لابد ان ننتصر 

ان شاء الله

انتظرى ساشترى لك كوبا من عصير الفراولة 

لا

توقفت 

أنا جائعة 

إذن انتظرى قليلا هنا سأشترى لك طعاما من هذا المحل هناك 

الطعام :

خطواتى مهرولة... أنا جائع مثلها.... إبتسمت .... شىء بيننا مشترك .... يا للاشياء الرائعة الجميلة .... أى حماس عجيب غمرنى الآن ..... خرجت من المحل مثقل اليدين .. سيارة فارهة تقف بجوارها ... أكاد أصعق قلبى بلغ حنجرتى .. الدماء تحترق فى رأسى باب السيارة يفتح اللعينة تركب السيارة تنطلق الآن وقفت مكانى اه يا رب هذا الطعام من يشاركنى فيه ؟ المجلة ما زالت فى يدى طفل الغلاف ما زال يبكى مذعورا علام يبكى ؟ لماذا عيناى تدمعان ؟ أيها الطعام المسكين الذى لم تمسسك بيديها : اختفى هنا فى احضان المجلة التى لمستها بيديها ..... صورة الرجل ذى المسدس دمائى تنزف فى دخيلتى ..دمائى ...أحزانى ..... متى أفيق ؟ 

تمت –

..........

أحمد دسوقي مرسي






التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

زوار المدونة

احصاءات المدونة

جميع الحقوق محفوظة

مجلة حـــــروف من نــــــــور

2016