رجل ناضل ضد الإستعمار وواجه الطغيان
المجاهد الكبير محامي الحريات إبراهيم طلعت هو والد الصديق المحترم الأستاذ مصطفى ابراهيم طلعت المحامي، والأستاذ إبراهيم طلعت هو الصحفي، والقاص، والشاعر الثوري، والمناضل للإحتلال الإنجليزي قبل يوليو 1952م، والمطالب بالديمقراطية والدستور بعدها، وهو رجل رفض منصب السفير، لأنه علم أن المقصد من وراء ذلك المنصب هو إبعاده عن ممارساته الوطنية، ولقد تشرفت بالكتابة عن المجاهد الكبير إبراهيم طلعت منذ فترة، ولكنني أجدني مشدودا للكتابة عنه الآن في ذكرى وفاته في مثل هذا اليوم منذ 24 عاما، فسيرة هذا الرجل وجهاده يعتبر بمثابة درس لنا جميعا في حب الوطن، والتضحية في سبيل هذا الحب بالغالي والنفيس.
ولد المناضل والمجاهد إبراهيم طلعت بالأسكندرية في 15 سبتمبر سنة 1917م، والتحق بكلية الحقوق جامعة فؤاد الأول(لقاهرة حاليا)، ولكنه فصل منها بسبب نشاطه السياسي ضد الإحتلال الإنجليزي في ذلك الوقت، فالتحق بكلية الآداب بنفس الجامعة، وتخرج بالفعل في الكليتين على التعاقب، في الحقوق سنة 1939م، وفي الآداب سنة 1940م،ط.
الأستاذ إبراهيم طلعت سجلت حكومة إنجلترا اسمه كواحد من أكثر المناهضين للإحتلال، وأطلقوا عليه لقب(عدو الإنجليز رقم 1 في مصر)، وهو صاحب الرقم القياسىي في عدد مرات الإعتقال السياسي، حيث تم اعتقاله 34 مرة، معظمها قبل يوليو 1952م، ومن المعروف أنه قد عمل محاميا بالأسكندرية ووجه نشاطه للدفاع عن البسطاء والعمال وتبنى قضاياهم، كما كان ثوريا مجاهدا مناضلا ضد الإحتلال، وقد أصيب بالرصاص في مظاهرات سنة 1935م ومظاهرات سنة 1946م ضد حكومة صدقي باشا، وقد استقرت رصاصة في رئته، حيث عاش طوال حياته محتضنا لهذه الرصاصة بعد استحالة استخراجها من جسده لقربها من القلب، كما أن المجاهد إبراهيم طلعت كان شاعرا معروفا بشعره الثوري، ومن أشهر ما كتب:
لا الموت يرهبنا ولا السجان & أبدا لن يعصف بنا الحرمان
وكان من كبار قيادات الوفد بالأسكندرية، وتم انتخابه عضوا بمجلس النواب سنة 1950م عن دائرة كرموز، ومن مواقفه التي سجلها له التاريخ موقفه المشهود حينما قرر أعضاء البرلمان المصري التنازل عن مكافأة شهر من مخصصات الأعضاء والقيام بإهدائها للملك فاروق بمناسبة زواجه من الملكة ناريمان، يومها أعلن إبراهيم طلعت رفضه التنازل عن مكافأته قائلا:"إن الملك يملك مصر كلها، وأنا أخصص مكافأتي للفقراء والمحتاجين و دأرفض إعطاءها للملك الذي لا يحتاج إليها، وكانت أزمة كبرى، تجلت بدعوة القصر الملكي لجميع النواب لحضور حفل زفاف الملك دون النائب إبراهيم طلعت وصديقه النائب المهندس ابراهيم شكري الذي تضامن معه في موقفه هذا، عندها خطب إبراهيم طلعت في أهالي كرموز معتبرا عدم توجيه الدعوة لنائب كرموز وكأنه اعتراف بعدم انتمائها للملك و للمملكة التي يحكمها ، وأعلن يومها إبراهيم طلعت إستقلال كرموز عن مصر كدولة وجمهورية مستقلة.
كان إبراهيم طلعت زميلا للرئيس جمال عبدالناصر في الدراسة، وهو الذي ضمه معه لمصر الفتاة قبل ثورة يوليو 1952م، وكانت علاقته جيدة مع عبدالناصر حتى حدث بينهما خلاف كبير، وذلك لمعارضته سياسة عبدالناصر ومطالبته الدائمة بالديمقراطية و الدستور ، وكانت النتيجة إعتقال إبراهيم طلعت عدة مرات، وبسبب إعتقاله المتكرر وغيابه عن مكتب المحاماة تعرض إبراهيم طلعت لأزمة مالية شديدة، دفعت صديقه الصحفي أحمد أبوالفتح بعد إعتقاله أن يعرض مبلغا من المال على السيدة زوجته، والتي رفضت ذلك بشدة قائلة:"كان زوجي يكتب في جريدة المصري دون مقابل، فكيف أقبل من صاحب الجريدة هذا المال وزوجي فى ي المعتقل!؟
كان إبراهيم طلعت عضوا منتخبا بمجلس السلام العالمي،وأسس جمعية حقوق الإنسان بالأسكندرية سنة 1971م، و كانت وفاته في يوم 16 يناير سنة 1993م ، تحية للمجاهد المناضل الكبير إبراهيم طلعت صاحب التاريخ الوطني الكبير .
تحياتي:/خطاب معوض خطاب .